افتتاح «متحف رُكن فاروق» بعد إغلاق خمس سنوات

حسين بصير

افتتح وزير الآثار المصري خالد العناني متحف رُكن الملك فاروق في ضاحية حلوان جنوب القاهرة، بعد إغلاق استمر خمس سنوات خضع خلالها لعدد من أعمال التطوير والصيانة. وتقرر استغلال الحدائق المحيطة بالمتحف والواقعة في حرم المنطقة الأثرية لإقامة نشاطات وندوات ثقافية.
وأوضح العناني أن المتحف سينضم إلى «رحلة حابي النيلية» التي أطلقتها الوزارة قبل نحو سنتين، لزيارة بعض الأماكن الأثرية على ضفاف النيل في القاهرة، ومنها المتحف المصري وقصر المنيل وقصر المانسترلي. وشملت أعمال التجديد صيانة كاميرات المراقبة في الموقع، واستبدال التالف منها، وإعداد بطاقات شارحة جديدة للقطع الأثرية التي يضمها.
والمتحف كان استراحة للملك فاروق الأول ملك مصر والسودان. أما منطقة حلوان، فتضم آثاراً تعود إلى عصر ما قبل الأسر المصرية القديمة، فضلاً عن مقابر من زمن الأسرتين الفرعونيتين الأولى والثانية. وفي العصر الإسلامي، بدأت المنطقة الظهور على الساحة التاريخية، خصوصاً في عهد الوالي عبدالعزيز بن مروان الذي امتد نحو 20 سنة، وساد البلاد في السنة الأولى من حكمه مرض الطاعون، فانتقل إلى حلوان، وبنى فيها دوراً وقصوراً، وأقام هناك حتى وفاته.
وبلغت حلوان أوج مجدها وازدهارها في عهد الخديوي إسماعيل، فباتت لها شهرة عالمية، بفضل إنشاء الحمامات التي حوَّلتها إلى منتجع استشفائي يضم الكثير من العيون الكبريتية التي جذبت سياحاً من مختلف أنحاء العالم.
ومتحف ركن فاروق، هو أصلاً استراحة أنشئت خصيصاً للملك فاروق لينعم فيها بأجواء هادئة تخلو من التلوث البيئي. ففي 1939 أعجب الملك بموقع على الضفة الشرقية لنهر النيل، فاشتراه بمبلغ 2000 جنيه، وعهد إلى مصطفى باشا فهمي وزير الأشغال الملكية في ذلك الوقت، بإنشاء استراحة ملكية له هناك، واكتمل البناء في العام 1942.
تبلغ مساحة الاستراحة 11600 متر مربع (ما يعادل ثلاثة أفدنة)، وتشمل المباني والمراسي النهرية والحدائق، ولها ثلاثة مداخل بأبواب حديد. وصمّم مبنى الإقامة من ثلاثة طوابق بمساحة 440 متراً مربعاً. ويتكون الطابق الأرضي من البدروم، وهو عبارة عن مطبخ وغرف إقامة الخدم ويتصل بالطابق الثاني عبر سلم خلفي للخدم وحجرة «أوفيس» فيها مصعد للطعام. والطابق الثاني هو مكان الإقامة ويحتوي على قاعات المتحف الرئيسة. والطابق الثالث هو السطح الذي صُمم ليشاهد الملك من خلاله مدينة حلوان والاستمتاع بجوها الصحي. ويُصعَد إلى المتحف على سلم من تسع درجات.
وأولى القاعات التي يشاهدها الزائر هي قاعة الاستقبال التي تحتوي على ثلاث خزانات من الخشب المُطَعَّم بالعاج والصَدَف والحلي النحاسية، وفي داخلها مجموعة من الهدايا والتماثيل. ويتوسط القاعة تمثال كبير لامرأة تعزف على القيثارة. وعلى يمين الداخل يوجد السلم الذي يوصل إلى الطابق الثاني، حيث السطح وقاعة تتصدرها مدفأة من الرخام تعلوها مرآة كبيرة بطول جدران القاعة. وتحتوي القاعة نفسها على العديد من قطع الأثاث الجنائزي المقلد للآثار المصرية القديمة، خصوصاً آثار الملك توت عنخ آمون، والمنقولة من استراحة الملك فاروق في منطقة آثار الهرم.
كما تحوي صوراً فوتوغرافية للملك فاروق ووالده الملك فؤاد الأول، وصورة للعائلة المالكة. وفي قاعة الطعام منضدة كبيرة حولها عشرة كراسٍ، وفيها خزائن لوضع أدوات الطعام. ومن أهم القطع في هذه القاعة لوحة تمثل حفلة موسيقية ترجع إلى العصور المصرية القديمة الممزوجة بالتأثيرات اليونانية، وتُظهر لنا نمط الملابس والموسيقى في ذلك الوقت، ولوحة تمثل موكب المحمل داخل أحياء مدينة القاهرة، والغرامافون لتشغيل الأسطوانات على شكل واجهة معبد فرعوني يتوسطه خرطوش ملكي، داخله اسم فاروق بالكتابة الهيروغليفية.
ويضم جناح النوم غرفتين، وأول ما يقابل الداخل إليه «كونصول» عليه زخارف فرعونية للجعران المُجنَّح وحيَّة الكوبرا تعلوها صورة فوتوغرافية للأميرة فوزية (أميرة مصر وإمبراطورة إيران). وغرفة النوم الأولى من خشب الأرو على الطراز الحديث وتحتوي على سرير وخزانة، وعلى الجدران لوحات عدة، أهمها لوحة زيتية للملك فاروق صغيراً. وللغرفة حمام خاص بها أرضه من الرخام والجدران من القاشاني باللون الفيروزي. وغرفة النوم الثانية من خشب الأرو، وتعلو السرير فيها صورة زفاف الملك فاروق والملكة ناريمان.
ومن أهم القطع في تلك الغرفة، سرير المهد الخاص بالملك فؤاد الثاني، ابن الملك فاروق، وهو منقول من استراحة الهرم وعليه زخارف فرعونية واسم الملك فؤاد (أحمد فؤاد أمير الصعيد)، وللغرفة أيضاً حمام مماثل للغرفة السابقة. والتراس الشرقي، عبارة عن منطقة مستطيلة تفتح عليها غرفتا النوم وتطل على نهر النيل وعلى النافورة التي تتوسط حديقة الاستراحة وفيها ماكيت يضم أجزاءً من المعابد المصرية القديمة في مدينتي الأقصر وأسوان، ويظهر فيه طريق الكباش وبهو الأعمدة والمسلات المصرية ومقصورة الولادة في معبد فيله في أسوان.
ويعتبر متحف ركن الملك فاروق في حلوان مكاناً جديراً بالزيارة يلتقي فيه الماضي بالحاضر وبسحر الفترة الملكية في واحدة من مدن «ألف ليلة وليلة».

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى