‘محاولة لتسلق ظل الوردة’ .. تجربة سودانية مفارقة

محمد الحمامصي

تصدر في باريس وكوستاركيا خلال الأسابيع القادمة ترجمتان فرنسية وإسبانية لديوان “محاولة لتسلق ظل الوردة” للشاعر يوسف الحبوب، والصادر مطلع هذا العام عن دار صفصافة للنشر بالقاهرة.

وهو تجربة مفارقة حيث يكتب الشاعر قصيدته بانفتاح شديد على الحداثة وقصيدة النثر، وذلك منذ زمن طويل قبل أن يشتد ساعد قصيدة النثر في الآونة الأخيرة، وهي أيضا قصيرة مكثفة في غالب الأحيان، إحالاتها غامضة شيئا ما، ولغتها تلعب بالظلال لغة النشوان الساهي.

يصدر الديوان في فرنسا عن دار “آدم” بترجمة أنجزها المترجم السوداني صلاح محمد الحسن، أما الترجمة الإسبانية فتصدر خلال أكتوبر/تشرين الأول المقبل عن دار النشر التابعة لجامعة كوستاريكا بترجمة للدكتورة عبير عبدالحافظ، حيث ستتم قراءة قصائد بالعربية والإسبانية خلال مهرجان كوستاريكا للشعر والذي ينطلق في الأول من أكتوبر/تشرين الأول القادم.

يقول الشاعر عن نفسه “أنا شاعرٌ كي لا تضيع الأشياء، وتبقى ملامحها عندي واضحة تقودني وأقودها، ومن خلالها تنضج ثمرة حرية الكلام وتلوين الفضاء الإبداعي بريشة متقنة وبألوان زاهية نحبها وتحتوينا”.

ويضيف مفهومي لقصيده النثر يأتي من خلال مفهوم الحداثه وما بعدها بشكل عام وإن كان البعض يحتفي ويتمسك بالصرعات الجديدة كلما ظهرت ثم يتحولون عنها بنفس السرعة إذا ما سقطت أو انصرفت عنها الأنظار.

ويؤكد الحبوب أن حداثة اللحظة لا تكفي وإنما ينبغي أن تكملها الحداثة الفنية، فالإبداع يتمثل في أي عمل حقيقي وإنجاز باهر وعبقري، وفي هذا السياق يأتي فهمي لقصيدة النثر حيث لا جدال عند تطبيق هذا المفهوم يكون نتاجا واضحا لا لبس فيه بأن قصيده النثر كائن شعري يحمل بين طياته مماته باقتراب صاحب التجربة من العبقرية والإبداع الحقيقي أو اغترابه عن هذه المكونات / ثنائية وجدلية الحياة والممات”.

ويعتقد تماماً بما أوجزه أدونيس بأن قصيده النثر أصبحت من الرسوخ بحيث لم تعد بحاجة إلى من يدافع عنها، ويضيف “هي بما ذكرته آنفا وباستصحابها الحداثة وتفاعلاتها تؤكد بأنها ليست منفصلة عن التراث الشعري العربي كما يشيع بذلك أعداء الحداثة باعتبار أن النظرة الثاقبة تقول بأن المنجز الأدبي عموما هو تجربه إنسانية عامة، ولولا الاطلاع علي التجربة الإنسانية الكاملة لهذا المنجز لما كان احتفاؤنا بقصيده النثر واهتمامنا بها، وبالعموم تخضع المسألة برمتها إلى الرؤية الشعرية والجمالية التي يؤسس عليها النص بغض النظر عن تصنيفات وتضيقات من يحشرون نصا ما في زاوية مسمى منمط مسبقا، والأهم عندي أن تبني قصيده النثر كمشروع شعري، مشروع برؤية حداثوية حتي لا تقع في الاستهلاك والاستسهال اليومي فتنهض قوي الظلام”.

وحول تجاربه السابقة يوضح الحبوب أنها بدأت من تجربة “رجل مطرز بالنمل”.. حالة من التجريب الجرئ والحركة المستمرة. إلى أن ثبتت روح القصيده لدي وأحيانا تتفلت بهايكو في محاولات للخروج من اللحظه العادية لتمارس انفجارا شعريا به ومضة مشعة، وهذه التجربة ظلت متسقة ومتسارعة مع نبض قلب القصيده منذ تجربة نصوص مقاطع من أغنية لم تكتمل مرورا بتجربة “محاولة لتسلق ظل الوردة” وأخيرا “فزاعة تلوح في ظهيره يوم بطئ” الذي سينشر مطلع العام القادم.

ويرى الحبوب أن ترجمة أعماله إلى اللغات الأجنبية تمثل محاوله تمدد إيجابي لأجنحة قصيدته وانصهارها مع نظرها الإنساني والعالمي إبداعيا “فكما استفادت القصيدة العربية الحديثة من ت. س إليوت من المؤكد أن قصيدة صلاح عبدالصبور او حجازي أو محمود درويش أو محمد عبدالحي تراث شعري إنساني وعالمي تستفيد من الإنسانية إذا ما ترجم وقدم بالشكل المقبول وهي تجربة تخدم الخط الفكري الذي أتبناه والذي يدعو لعالمية العمل الإبداعي مع الاحتفاء بالخصوصية، كما فعل الروائي الطيب صالح مثلا، فقط نحتاج لدفعة إيجابية لترجمة منسابه عبر قنوات التلقي. أنا سعيد جداً بهذه التجربة وسأواصل الحفر فيها بكل اللغات الممكنة احتفاء بفكرة إنسانية الإبداع وضد القبح والقمع بكافه أشكاله.

ويوسف الحبوب هو شاعر سوداني مقيم في مدينة مسقط بسلطنة عمان، وصدرلت له عدة أعمال قبل هذا الديوان، كما ينشر باستمرار في الصحف والدوريات العربية، وقد شارك في “مهرجان القاهرة الأدبي” خلال دورة 2016.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى