أبو الكلام آزاد في كتاب عن «الفكر العربي»

«أبو الكلام آزاد وتَشكّل الأمّة الهنديّة في مناهضة الاستعمار والسياسات الطائفيّة» (مؤسّسة الفكر العربيّ، ترجمة صهيب عالم) هو عنوان كتاب الباحث والأكاديمي الهندي رضوان قيصر، أستاذ التاريخ في الجامعة المليّة الإسلامية في نيودلهي. ويأتي هذا الكتاب ضمن سلسلة «حضارة واحدة» عن مؤسّسة الفكر العربيّ، التي تُعنى بترجمة أمّهات الكتب من الحضارات والثقافات الأخرى إلى اللّغة العربية. ويبحث الكتاب في أدوار أو نضالات واحد من أبرز الأسماء الوطنية الفاعلة في شبه القارّة الهندية: أبو الكلام آزاد (1888 – 1958)، واسمه الحقيقي محي الدين أحمد بن خيرالدين، الذي أُعيد له الاعتبار في بلاده السنة الماضية، سياسياً وفكرياً وإعلامياً وأكاديمياً. أمّا لقبه «أبو الكلام» فأُطلق عليه كونه خطيباً بارعاً، وكلمة «آزاد» تعني باللغة الأردية «الإنسان الحرّ». ويشكّل أبو الكلام مع المهاتما غاندي، الزعيم الروحي لعموم الهند، وجواهر لال نهرو، أوّل رئيس وزراء للهند المستقلّة عن الاحتلال البريطاني في العام 1947، الثالوث الذهبي الذي قامت على أساسه دولة الهند الحالية المستقلّة.
آزاد هو في طليعة الزعماء المسلمين الهنود الذين دعوا بقوّة وصلابة إلى وحدة الهندوس والمسلمين، على أساس قومي هندي جامع، رافِعته دولة القانون والمؤسّسات والدَمقرطة المُستدامة، التي وحدها تحمي الدين من العبث به واستغلاله في بازار السياسات الفتنوية على اختلافها، والتي لجأ إليها الاستعمار البريطاني لضمان هيمنته على البلاد، ونهب ثرواتها، والتحكّم بمقدّراتها، واستطراداً تحقيق مآربه في تقسيم الهند إلى بلدين لدودين هما: الهند وباكستان.
يتألف الكتاب من ستّة فصول وخاتمة. في الفصل الأول، يتطرّق الكاتب إلى اتّجاهات آزاد المختلفة، بحيث بدأ حياته متطرّفاً وانتقل إلى تبنّي الوحدة الإسلامية لاحقاً، ولكن بما يتّفق مع القومية الهندية فقط.
ويناقش الفصل الثاني ارتباطات آزاد السياسية ومسألة بناء الجسور مع الوحدة الإسلامية. بينما يتناول الفصل الثالث جهوده المبذولة لمحاربة المدّ المتزايد للطائفية في العشرينات من القرن العشرين، وفي الرابع عمل آزاد على ضمّ المسلمين إلى هيكلية السلطة العليا، وإلى بنيتها العامّة، ثم يناقش الفصل الخامس انتخاب آزاد رئيساً لحزب المؤتمر في العام 1940 وسلسلة المفاوضات التي أجراها مع بعثة كريبس البريطانية في العام 1942، وبعثة مجلس الوزراء في العام 1946، بهدف انتزاع الهند استقلالها وحرّيتها، من دون الخضوع لمطالب «العصبة الإسلامية» بتقسيم البلاد، والمدعومة، كما هو معروف من سلطات الاحتلال البريطاني عبر أجهزة استخباراتها النشطة. ويناقش الفصل السادس والأخير من الكتاب دور مولانا آزاد، بصفته وزيراً للتربية والتعليم خلال الأعوام 1947 – 1958، وهي الفترة الزاخرة بالإمكانات والتحدّيات المصيريّة التي واجهها الرجل الكبير بالرويّة والحكمة والاستيعاب المرن العميق، واستطاع أن يمخر بسفينة الأمّة إلى ساحل النجاة.

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى