“أمير الليل” في حلقاته الأولى..غير مقنع

خرج مسلسل “أمير الليل” إلى الضوء بعد ضجة أحدثها الإعلان الترويجي له على شاشة LBCI وLDC على أنه أضخم الإنتاجات الدرامية. دغدغ نوستالجيا اللبنانيين إلى زمن الدولة ورجالات الاستقلال وبيروت الجميلة الساهرة ليلاً في أواخر الثلاثينيات. بدا واضحاً أن شركتي “إم إند إم” و “طايع إنتربرايز” أنفقتا إنتاجاً وديكوراً وسيارات من طراز قديم. لكنّ العمل، من إخراج إيلي برباري، لم يوفّق في حلقاته الأولى لبطء في إيقاع الحوادث أو في حركة الكاميرا بكادرات نمطيّة تقترب مثلاً من لوحة سيارة رقمها “1939” (سنة بدء القصة).
تعرّفنا على أبطال العمل تباعًا من دون تشويق أو غموض، وجاء الأداء التمثيلي أقلّ إقناعاً مع ملاحظات على الأكسسوارات والملابس. أُسقطت اللغة الفرنسية بكثافة على الحوارات لإبراز طابع العائلات الأرستقراطي، فيما كان بالإمكان تحاشيها أو الحدّ منها إذ بدا بعض الممثلين غير مرتاحين في استخدامها.
أرادت كاتبة النص منى طايع تظهير حياة الطبقة المخمليّة في حقبة مهمة من تاريخ البلد، سلّمت الرجال زمام السياسة وتركت النساء يناورن بحريّة على طاولة لعب الورق، في الجامعة، في الحانة وعلى سرير الحبّ. وَلَّفت طايع لبعض شخوصها علاقات حبّ عابرة للطبقات الاجتماعية، تتعقّد مع تقدّم السيناريو، وتتولّى كعادتها حلّ عقدها النفسية والاجتماعية، مثل علاقة فارس بيك (بيتر سمعان) بالمغنية ناريمان (ميس حمدان).
عَلِق في الأذهان مشهد احتضار زوجة الأمير ونزيفها وموتها. فضيحة في الحوار بين نجلاء الهاشم وداليدا خليل فيما شقيقتها تحضتر. بدلاً من أن يكون المشهد الأقوى، اتّضح أن فيه تركيب في المونتاج، إذ لوحظ في لقطة أن يدي الشقيقتين متماسكتان وفي لقطة تالية تقف خليل بعيدة قليلاً مع أداء يتّسم بالسذاجة.
أما شقيقهما رجا (عصام مرعب)، الذي فقد شقيقته الشابّة للتو، فيتسنّى له خلال العزاء أن يقول للمغنية ناريمان “شاهدتك مرتان، وأحببت أغنية “لا خبر” بصوتك”، بدوره يسأل زوج الفقيدة الأمير عمر (رامي عيّاش) عمّه عن موسم الزيتون في الضيعة.
ينادونه “أمير” فيما يُعرّف أصحاب اللقب في تلك الحقبة بـ”المير”. لم يخلُ الحوار الذي حاولت طايع تبسيطه ودعمه بالأسماء والشواهد والمعلومات التاريخية من شطحات إيعازيّة، أبرزها حديث دار بين الأمير عمر حول التمثيل البرلماني ووحدة المطالب بوجه الانتداب وفارس بيك الذي رأى أننا “شعب لا يتمكن من حكم ذاته” متوقّعاً حدوث حرب أهليّة.
عودة موفّقة لأسعد رشدان بعد غياب إلى جانب هيام بو شديد التي أمسكت دورها جيّداً. نقنع أنفسنا أن مدام توتو (ليلى بن خليفة) هي سيدة تونسية متزوجة من لبناني وتخلط بين اللكنتين. اختيار بن خليفة إلى جانب بياريت قطريب لدور سيدتين أرستقراطيتين، اختيار صائب لجمود في أدائهما. أما ميس حمدان بدور المغنية المصريّة فشكّلت إضافة للعمل.
يدخل المسلسل في حلقته الثامنة، إلى ما كُتب له فعلاً حول حبّ ينشأ عن كره بين الأمير عمر وفرح شقيقة زوجته المتوفّاة. تنقسم الآراء حول أداء عيّاش في تجربته التمثيلية الأولى على الشاشة الصغيرة (بعد فيلم “باباراتزي”)، غير أن حضوره أضاف جمهوراً إلى العمل. قلّل الدور البطولي الذي أُسند إليه كأمير وصاحب نفوذ من خسائره، إذ أتاح له استخدام لغة العيون وإخفاء حركته المرتبكة بمحاولته إعادة ترتيب الكرافات أو أزرار الأكمام. حتى الآن لم يُظهر تفاعلاً ملائماً مع الحوادث وطغت حدّة طباعه وشدّة تماسكه على معظم المشاهد، لكنّه لا يُلام في تجربته الأولى والحلقات الستّون قد تمنحه فرصة إثبات النفس.
يبقى ما كتبه الشاعر نزار فرنسيس لأغنية الشارة التي لحّنها وغنّاها رامي عياش، أفضل ما في العمل.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى