‘فتاة القطار’ .. تكسر الرقم القياسي في المبيعات

هدية حسين

لعلها الرواية الأجمل التي قرأتها في الآونة الأخيرة “فتاة القطار” للكاتبة البريطانية باولا هوكينز، الرواية التي تصدرت قائمة نيويورك تايمز للروايات لستة عشر أسبوعاً، والأكثر مبيعاً في بريطانيا لعشرين أسبوعاً، بيع منها أكثر من مليوني نسخة في الأشهر الثلاثة الأولى لصدورها، وتحولت الى فيلم سينمائي من بطولة إيميلي بلانت وجاستن ثيروكس.

لم تحقق الكاتبة نجاحاً في أربع روايات سبقت هذه الرواية، وعاشت وضعاً مادياً صعباً اضطرها للاقتراض من والدها لكي تكمل روايتها الجديدة، وكادت تبيع بيتها لولا هذا النجاح الساحق الذي حققته رواية “فتاة القطار”، حتى أنها لم تصدق هذا النجاح الذي أنقذها من الإفلاس، وقالت في أحد حواراتها “انتابني شعور غريب ولم أصدق ما يحصل معي، باختصار كان الوضع غريباً فعلاً” فما هو موضوع رواية فتاة القطار وكيف حصدت كل هذا النجاح؟

الرواية تحكي قصة امرأة تدعى ريتشل، مدمنة كحول يتسبب إدمانها بانفصالها عن زوجها وفقدانها لعملها فتتحول الى امرأة يائسة، لكنها تتظاهر أمام شريكتها في السكن (كاثي) بأنها ما تزال تعمل، ومن أجل ذلك فهي تخرج صباح كل يوم وتركب القطار الى لندن حيث عملها السابق، تتجول وتتسكع ثم تعود بقطار المساء، وأثناء رواحها ومجيئها تمر ببيتها الزوجي الذي احتلته الآن امرأة أخرى أصبحت زوجة لزوجها توم.

ثم على بعد عدة أمتار هنالك بيت ترى من خلال شرفته امرأة ورجلاً يبدوان زوجين سعيدين، تطلق عليهما اسمي جس وجيسون، بينما كانا في الحقيقة يحملان اسمي ميغان وسكوت، تختلق لهما حياة رومانسية من مخيلتها المريضة حتى لتصدق تلك الحياة، ويسبب غيابهما قلقاً لرتشل إذا صادف أنها لم ترهما ذات يوم، وفي أحد الصباحات ترى رجلاً آخر مع ميغان في وضع العناق، ملامحه تشبه ملامح طبيبها النفسي، ومن ثم لم تعد ترى ميغان، فتقرأ في الصحف بعد أيام بأنها مختفية، وتروح ذاكرتها المشوشة تبتكر الحكايات فتدخلنا المؤلفة في جو بوليسي خصوصاً بعد أن تعلن الشرطة العثور على جثة ميغان.

وتجد ريتشل نفسها متورطة أيضاً وعليها أن تخبر الشرطة بشكوكها حول الفاعل، فهل هو زوج ميغان، أو زوجة زوجها (آنا) أو الطبيب النفسي الذي يعالج ريتشل من إدمانها وفي الوقت نفسه يعالج ميغان أيضاً من مشاكلها؟

عند هذا لم تعد قصة جس وجيسون رومانسية كما تخيلتها ريتشل، بل صارت جس، التي هي ميغان امرأة متهمة بالقتل قبل أن تُقتل لأن المعلومات التي وردت الى الشرطة تفيد بأن الشكوك كانت تحوم حولها في موت ابنتها من زوجها الأول.

على هذه الخيوط المتشابكة ومنها تنسج باولا هوكينز روايتها، حيث تمضي بالقارىء الى منطقة الغموض والارتياب، ولا تكف عن إدهاشه وهي تأخذه الى مسالك الحب والجريمة والشك والغيرة والجنون وسوء الظن والأكاذيب والحقائق والأوهام والأمراض النفسية المستعصية، في جو بوليسي برعت فيه، وعبر شخصيات مضطربة ومأزومة لا ترى ضوءاً في نهاية النفق الذي وضعتها الكاتبة فيه.

فتاة القطار رواية مشوّقة لا ينساها القارىء بعد أن ينتهي من قراءتها. قالت عنها مجلة “فانيتي فير” ما من شيء يجعلك مدمناً عليه أكثر من “فتاة القطار” رواية ستغير الى الأبد نظرتك الى حياة الآخرين، رواية تغمر انفعالات القارىء ومشاعره، مثل روائع هيتشكوك. عمل شديد الإثارة.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى