علي الستراوي يؤكد أن الصحافة لا تسد رمق الجوع!

أحمد المؤذن

ها هو هنا عند ضفاف القصيدة، يزرع ورود الكلمات ويرويها من فيض إحساسه المرهف، خبر العديد من المحطات في مسيرة الحبر، متأبطاً هموم الثقافة كجزء رئيس من حياته، تجده مبتسماً رغم جروحه النازفات، يهديك رقص الأمل أو ربما يضيفك بقهوة الشعر على بعد مكالمة هاتفية من مساحة قلبه الكبير، هو الشاعر البحريني علي الستراوي حيث التقينا به فكان هذا الحوار:

• الشاعر علي الستراوي .. برأيك هل يمكن اعتبار قصيدة الشعر الحديث شبه ميتة في ظل إحجام العديد من دور النشر عن طباعتها وتفضيل الرواية عليها؟

= لستُ مع الذين يرون أن قصيدة الشعر شبه ميتة، وليس مقياساً إحجام دور النشر عن طباعتها، فأكثر دور النشر تشخص مصلحتها وترسم سياساتها من منظور الربح والخسارة، ولا يهمها القيمة الأدبية والثقافية، ولأن الرواية تعلق فيها من له بعد مقاس في فنيات الرواية، وهم الشريحة المبدعة في كتابة الرواية، ومن جانب آخر طلعت علينا أاصوات لا تعرف فنيات الرواية وليست ذات بعد ثقافي وأدبي، دونت خواطرها وسيرة حياتها ووضعت لها عناويناً ملفتة، فتهاتفت عليها دور النشر، وهذا ما يعد إفلاساً ثقافياً وأخلاقياً، لأن الانحدار ليس في الأدب وحده وانما الانحدار أصبح على كل صعيد مجتمعي وثقافي وسياسي.

• ما رأيك في مستوى الحساسية الشعرية للعديد من الأقلام الشابة في الساحة

الثقافية البحرينية، هل تخطت المألوف والمكرر؟ أم غرقت في القالب النمطي متأثرة باستنساخ القامات الكبيرة؟

= بالنسبة للأقلام الشابة في الساحة الثقافية البحرينية التي تقرض الشعر، فهي تجارب طرية بعضها قوي عوده واصبحت له تفردية ومنهج شعري مختلف، وآخرين لازالوا في فرن التجربة وهم بحاجة أن يمارسوا لعبة الشعر ويبحثوا عن جهات تميزهم وتفردهم عن الآخرين، لأن أي تجربة لا تنضج إلا بالمراس وبالقراءة لكل ما يمس الشعر والأدب.

• القصيدة عند الستراوي، حالة تجلٍّ تعبر العمق الإنساني وتحاكي اشياءه الصغيرة .. أم هي لغة تفجر تساؤلات الأنا و الوجود؟ أو هي أكثر تعقيداً من ذلك؟

= لستُ أنا ممن يجيب عن نفسه، لأن الأجابة عند من قرأوا شعر الستراوي أكثر حكماً مني، ولأن أي شهادة مني باطلة في هذا المقام، ولكن يمكن القول:

القصيدة بالنسبة لي هي تجربة أعيشها وأفتح نوافذها لعل من يقرأها يكتشف أي الجهات يتجه نحوها الستراوي، وكل ما أكتبه هو اجتهاد أريد منه إيصال ما يقلقني للآخرين.

• الانشغال بطحن الصحافة عن أداء الرسالة الثقافية للمبدع على المدى الطويل، أهو مكسب شخصي له أم فاتورة مؤجلة الدفع، تظهر أعراضها الجانبية في مرحلة التقاعد؟

= بالنسبة لي ممارسة الكتابة الصحافية هي جهة رزق أسد بها جوعي وجوع من هم في رقبتي.

وقد ساعدتني مهنة الصحافة على التعرف على الكثيرين من شرائح المجتمع لان رسالة الصحافة متنوعة وذات هموم مجتمعية أكثر منها فردية.

بالنسبة للفاتورة التي اكتسبتها من الصحافة فهي إفلاس دائم على المحيط المادي، لأن الصحافة لاتسد رمق الجوع إلا بشكل طفيف، وهي هم يومي يعيشه الصحفي المثقف، لأن فاتورة هذا الهم مقرونة بالقلق والخوف ومحاسبة النفس على ما يكتبه الصحفي، وقد أخذت الصحافة مني الكثير ولم تعطني إلا الفتات، وهي رسالة مقلقة شاغبتني في نهجي الأدبي والثقافي الذي يتطلب مني الكتابة بابداع المثقف.

• في ذات السياق هنا .. كيف يجد الستراوي المستوى العام لعطاء الصحافة الثقافية في البحرين؟

= اتمنى أن تعفيني من هذا السؤال فهناك من الصحفيين من هم أجدر مني على الإجابة.

• يقال إن لكل شاعر ليلاه .. ونحن نقول إن لكل مثقف مأزقه الخاص في إفرازات التجربة وتجددها من عدمه، فما هو مأزق الستراوي ثقافياً وهو لا يزال يكتوي بنار القصيدة؟

= مأ زقي في احترامي للآخرين، حبي لوطني، لأن ليلاي هي التي تفصل لي علاقاتي بالآخرين وهي مربط هذا الحب الذي يتجسد في انتمائي لوطني، فبكبر عطائه لي تكبر محبته لأنه النخل والبحر الذي لا يغادر انشغالاتي وهو البيت الذي يحتويني بعد كل يوم أو ساعة تعب وقلق، وهو أمي التي لا أستطيع النظر في عينيها بجرأة خجلاً منها.

• الفضاء الافتراضي (الإنترنت) هل أعطى تجربة المبدع العربي امتداداً خصيباً أم ساهم في اكتظاظ الساحة الثقافية بأشباه الكتاب والشعراء من حيث سهولة النشر؟

= في جانب الإبداع بالفعل هذا الفضاء أعطى من يحترم قراءه متسعاً من الحب المعرفي، وفي جانب آخر عند من يحبون أن يكونوا مثل السحاب العابر سماوات الأرض بسرعة، هو اكتظاظ متخلف لا يعرف فك الحرف ولا يحترم القارئ، يريد أن يسبق ظله ويتكئ على معرفة ما هو جاهز في الحاسوب بغية سرقة مجهود غيره حتي يكون!

• معروف عنك في الساحة البحرينية أنك تكتب إلى جانب الشعر الفصيح، اللون العامي، فأيهما أقرب إلى قلبك ووجدانك ويشتبك مع تجربتك الشعرية ويطلق ذاتك؟

= الشعر هو الشعر عامي أو فصيح، وقد قلت بعامية:

“وحرف اللي يمس الجرح وزنه والزمن ميزان.

لا الفصحى وحيدة تمسح ادموعك، ولاني بلسم الأفراح”

لكل تجربة بالنسبة لي لون، وأنا قد ظلمت قصيدتي العامية لأني لم أعطها بمثل ما أعطيت قصيدتي الفصحى، ففي الفصحى طبعت ثلاثة دواوين شعرية، وفي العامية عندي أكثر من خمسة دواوين وهي لازالت حبيسة في أدراجها حتى إشعار آخر.

• كشاعر ومثقف عربي .. هل تجد أن تفجر (الربيع العربي) أضاف رصيداً ثرياً إلى الثقافة العربية أم أجبرها على التراجع؟

= لاشك أن كل حراك إنساني يضيف للثقافة نوافذ جديدة والحراك الثقافي بحد ذاته عنصر رئيس متصل بالتغيير.

• جانب آخر من الستراوي لا يعرفه الكثيرون وهو أنه يخوض تجربة الإبحار في عالم الرواية .. حدثنا عن هذا الجانب وهل تراه خياراً أفضل لرواج نتاجك الأدبي من بعد انحسار الشعر؟

= في جانب كتابتي للشعر الفصيح والعامي أكتب أيضاً قصة الطفل وعندي مجموعة معدة للطبع باسم “العصفور وغصن الرمان”، وأيضاً أكملت كتابة رواية باسم “الندي” تدور أحداثها المكانية في القرية، بالإضافة إلى تناولي الكتابة النقدية لفضاءات كثيرة ثقافية وأدبية مثل السينما والمسرح والفن التشكيلي والرواية والشعر، اضافة للكتابة الصحافية من لقاءات واستطلاعات وتقارير، كوني قد حررت وأدرت الكثير من الصفحات الثقافية في الصحافة البحرينية، بالإضافة لأعتنائي واهتمامي بالكتابات الشبابية والأصوات الجديدة.

• متى يموت الشاعر برأيك؟

= يموت الشاعر عندما تهان كرامته، وعندما يهجره جمهوره، الموت لا يعني الموت الذي تقبض فيه الروح، فكم شاعر قبضت روحه وبقى مخلداَ بكلماته التي سجل فيها بقاءه.

الموت ..عندما يصدح الشاعر والكل من حوله صم، هنا الشاعر يحس بأن الموت قد أخذ بروحه وهو لا يزال حياً يتنفس وجعه ويكتب في ظلمات لياليه لوحده.

فالشاعر لا يموت، وإن مات فموته أما ظلماً أو قسراً، لأن ما يكتبه الشاعر يظل مخلداً، يذكره الآخرون، كما يتذكرون ما قدمه من إبداع.

• هل بالفعل أن المثقف اليوم أصبح مجرد ظاهرة (فيسبوكية) لا تحمل مشروعا تنويريا في مجتمعها؟

= اتفق مع الرأي الغالب على أن تفشي الظاهرة (ال فيسبوكية) سرقت الكثيرين من حضرة الكتاب، فالمشروع الجاهز لا يعطي إبداعاً، فالذين حفروا في السبخ خلدوا أسماءهم بمشاريع كبرى، لأنهم عرفوا سر ما تخبئه الأوراق.

فالكتاب لا يعطي المثقفين الكسل بقد ما أعطاه الحاسوب على رغم أهميته لكنه ليس باعثا لمشروع تنويري.

• برأيك .. أيهما أجدى رصد الميزانيات الضخمة للاحتفالات الثقافية أم خلق مشاريع ترتقي بخطابنا الثقافي العام؟

الاثنان ذو أهمية، لكن الأهمية الكبرى أن نرتقي بأدبنا ونرصد له الميزانيات المفعلة له بشكل تنافسي بين المبدعين أصحاب المشاريع الثقافية. المبدع البحريني اليوم في حاجة ماسة لمن يتبنى نتاجه وينشره ويخفف عن كاهله عبء التمويل الشخصي.

• ذات يوم طالب الستراوي في أحد أعمدته الصحفية بإنشاء صندوق ثقافي من أجل دعم المثقف في إبداعه وشيخوخته.. ألا ترى أنه من الأجدى تفريغ المثقف وأن تخصص له الدولة معاشا تقاعديا أفضل؟

= ياصاحبي يقول المثل الشعبي: (لايحك ظهرك سوى ظفرك) فتجمعنا لتوفير صندوق داعم للمثقف وتأسيسه بشكل صحيح، يبعدنا عن التسول وقد يساعدنا على الالتفات لبعضنا كمثقفين، وينقد حالنا المزري في طبع بعض نتاجنا وتغطية نفقات بعضنا وقت المرض والحاجة.

أما بالنسبة لإشكالية التفرغ فلازلنا صفرا من هذه الناحية على الرغم من أن هناك بعض الأسماء قد فُرغت، ولكن ببطء بحيث إن مشهدنا الثقافي لم يحقق الفائدة المرجوة التي نطمح إليها.

الدولة هي المسئولة أولا وأخيراً عن دعم كتابها فالوطن يستحق أن نفديه بأعمارنا ونستحق من الوطن أن يحنو علينا ويطعمنا مخافة الفاقة والجوع.

• مثقف سلطوي أم آخر من أوساط الشعب .. برأيك ما جدوى ممارسة مثل هذا الخطاب التشطيري في وقت نحن في حاجة ماسة لتطوير خطابنا الثقافي العربي كيما نتحاور مع الآخر؟

= أنا لست مع من يقول: هذا معي وهذا ضدي، أنا مع الكل في عملية بناء الوطن، ولا أحب الحديث عن السياسة لأنها أخذت من طفولتي وشبابي ما أتحسر عليه وافتقده، بعد تجربة مريرة علمتني أن الوطن أولاً والأحبة هم من يحتفون بحب الوطن في بيتنا الكبير الذي يحمينا في ليالي الزمهرير أو في شدة هـيجان بعضنا.

الحب طريقي نحو الجميع دون ممارسة النظرة التي تقسم هذا أو ذاك، فهذا معي وذاك ضدي، لأني مؤمن أن مسيرة البناء جميعنا مسؤولون عنها، فالوطن لا يبنى بكراهية بعضنا البعض، بل بقدر ما نحمله من حب لبعضنا البعض.

• الجوائز الأدبية المنتشرة اليوم في الساحة الثقافية العربية، هل تصنع أو تضيف إلى مكانة الكاتب العربي؟ أم أنها مجرد ظاهرة احتفالية تساهم في قتله إبداعياً؟

= هي ذات حدين محفز ومحبط، لكنها مهمة في عمر الثقافة وتجربة الكاتب، فليس من المعقول مطالبتنا للكاتب بأن يبدع دون الالتفات إليه وتشجيعه واعطائه ما يستحقه، ولكن ليس بشكل فج يجعل من المثقف وعمله مرتبط بالجوائز أو بدعوات احتفالية ذات بهرجة اعلامية دونما عمل حقيقي يغدي جانبه الثقافي. الجائزة تضيف إلى مسيرة المثقف شرط أن يتطور في أدواته ويتفوق في فنه أو أنه سيموت إبداعياً عندما يرى ذاته قد بلغ القمة!

• الترجمة بوصفها قنطرة تواصل ما بين ثقافات الشعوب، هل أفدنا منها بالشكل الملائم في نقل نتاجنا الإبداعي إلى لغات العالم الحية أم لا؟

= الترجمة من أدب لآخر أفادتنا الكثير، فكم من الأدب الأجنبي المترجم على أيدي كبار المبدعين قد اطلعنا عليه، أمثال روايات تولوستوي وهمنجواي وهيجو وآخرين في المسرح والشعر والنقد المترجم، أفادنا وأمتعنا كما أضاف للراكد الثقافي بابا مهما يجب علينا تطويره، وعلى المستوى البحريني ما ترجمه عبدالحميد القائد من الشعر البحريني للغة الإنجليزية، وما ترجمه مهدي عبدالله من قصص أضافت للإبداع الـمترجم الكثير من الناقص وأسهمت في إغناء المكتبة البحرينية، لكن طبعاً نحتاج إلى تكثيف الجهود الرسمية على صعيد وزارة الثقافة وقيامها بدور أكبر في نقل وترجمة الأدب البحريني إلى لغات العالم.

فباب الترجمة من حيث الأهمية أمر حيوي يسهم بلا شك في تعريف (الآخر) بثقافتنا ونجاحنا في نقل صورتنا أو خطابنا الثقافي لهذا الآخر المختلف عنا، يوفر فرص التلاقي الحضاري لنا ولأجيالنا القادمة وعلينا أن نعي بأن الترجمة، من أهم الإبداعات التي تحتاج لها الشعوب وبها ترتقي حضارياً.

** أخيراً .. هنا عبرنا إلى عوالم هذا الشاعر المتنوع في اهتماماته الثقافية، ينقب في مختلف الجهات، خارج من طحن الحياة وقد سلك الكثير من الدروب كيما يصنع لذاته أفقا آخر ينطلق في ساحات الإرادة والتحدي وينصب في وجه الريح شراع العزيمة ، هو الستراوي في نتاجاته الغنية الحضور لا نبالغ حينما نصفه هنا أنه من سفراء الثقافة لمملكة البحرين (لو) أنصفه هذا الزمن؟!

هي ذي سيرته الذاتية هنا، تتحدث عنه:

علي إبراهيم الستراوي.

شاعر وكاتب من الجيل الرابع يعمل في الصحافة “الصفحة الثقافية” يكتب الشعر العامي والفصيح والمقالة النقدية وقصص الطفل، وما يتعلق بالتراث الشعبي والنقد الثقافي. مواليد أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، لم يكمل دراسته بعد المرحلة الثانوية لظروف خارجة عن إرادته، ثقف نفسه بنفسه، معتمداً القراءة في شتى أمور الثقافة والحياة، دخل بعض الدورات والدراسات التي تلقاها على شكل دورات أكاديمية.

يكتب عامود “نبض” في الثقافة. أشرف على تحرير وإعداد صفحة “واعدون” المتخصصة في أدب الموهبة في جريدة الأيام سابقاً، بالإضافة إلى قيامه بالكتابة في صفحة الثقافة وملحق “رؤى” بجريدة الأيام التي عمل فيها الكاتب منذ بدء الثلاثة الأعوام الأولى من عمر الجريدة.

له عامود أسبوعي باسم “خزامى” يتناول فيه الأدب الشعبي والتراث، ثم ترك جريدة الأيام بعد أن عمل فيها لمدة عشرة أعوام والتحق بجريدة “الميثاق” في بداية انطلاقتها، مؤسساً فيها القسم الثقافي، وأول رئيس لهذا القسم الذي أشتمل على الصفحة الثقافية وعدة صفحات, ومؤسساً لصفحة “بنادر” في الأدب الشعبي وصفحة “معابر” الخاصة بأدب الموهبة، وبعد سنتين من العمل ترك الشاعر جريدة “الميثاق” ليلتحق بجريدة “الوطن”، في القسم الثقافي الذي لا يزال يعمل فيه وفي الصفحة الثقافية.

هو عضو أسرة الأدباء والكتاب وأمين سر سابق لها. عضو جمعية الصحفيين البحرينية. عضو الملتقى الأهلي الثقافي. عضو مؤسس في مسرح الريف – البحرين.

له من الإصدارات: ديوان شعر باسم “المرافيء المتعبة” صدر عام 1995عن دار الكنوز في لبنان. ديوان شعر باسم “فضاء” صدر عام 2001 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر – لبنان. ديوان شعر باسم “على راحة قلبي” صدر عام 2008 عن مؤسسة الانتشار العربي – لبنان.

وله عدة مخطوطات: ديوان شعر باسم “امرأة في ضيافة القلب”. ديوان شعر “بياض آخر العمر”. أربعة دواوين في الشعر العامي. مخطوطة رواية باسم “النديد”.

شارك في العديد من الأمسيات في الساحة الثقافية المحلية. وفي مهرجان الدوحة الثقافي في الدورتين 2003-2004. كتب في بعض الجرائد الخليجية مثل الوطن الكويتية والقبس والخليج الاماراتية والاتحاد ومجلة شعر المصرية ونقد والرافد الاماراتية، والمجلة العربية – السعودية.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى