عبدالله بن زايد يكرم الفائزين بجائزة “الحسن بن علي للسلم الدولية”

خاص (بريهان الترك)
كرم كل من سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، ومعالي الشيخ عبدالله بن بيه، بتكريم الفائزين بجائزة الإمام “الحسن بن علي للسلم الدولية”، في دورتها الثانية لعام 2016، التي تمنح لأكثر المؤثرين والفاعلين في صناعة السلم وثقافة التسامح حول العالم.
سُلِّم درع الجائزة إلى مؤسسي “المنصة المتعددة الأديان من أجل السلام” في جمهورية أفريقيا الوسطى، وهم كل من الكاردينال ديودوني نزاباللاينغا، رئيس الأساقفة الكاثوليك في عاصمة أفريقيا الوسطى – بانغي، والإمام عمر كوبيني لاياما، رئيس المجلس الإسلامي، والقس نيكولا غيركوياميني غبانغو، رئيس التحالف الإنجيلي، وذلك في حفل رسمي أقيم مساء أمس الأول (الاثنين)، بختام فعاليات الملتقى السنوي الثالث لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، الذي عقد على مدى يومي الأحد والاثنين الماضيين في فندق “جميرا – أبراج الاتحاد” بأبوظبي.
فازت “المنصة المتعددة الأديان من أجل السلام” بالجائزة لدورها في إعادة لحمة المجتمع وترسيخ قيم السلم بوسائلها الذاتية؛ من خلال التواصل المباشر مع المواطنين بعد الحرب الأهلية التي شهدتها جمهورية أفريقيا الوسطى منذ عام 2012، وذلك عبر شبكة من المساجد والكنائس المنتشرة في أرجاء البلاد، ولوضعها ركائز المبادرة على ضرورة توصيل معاناة شعب أفريقيا الوسطى إلى المحافل الدولية. ولعبت المنصة دوراً بارزاً في التأثير على مجلس الأمن الدولي وحمله على إرسال قوة حفظ السلام.
في الحفل الذي شارك فيه مجلس أمناء المنتدى، وكوكبة كبيرة من العلماء والمفكرين والباحثين العرب والمسلمين وممثلين عن الأمم المتحدة، والكنائس المسيحية على مستوى العالم، وسط حضور رسمي وشعبي كبير قال معالي الشيخ عبد الله بن بيه في كلمته: “إن الكثير من بلاد المسلمين يحترق الآن، ونحن كما الإطفائيين، فالإطفائي لا يسأل عن من أشعل أو أوقد الحريق، هذه قضية أخرى سيبحث عنها القضاء والشرطة فيما بعد؛ لأن الإطفائي يبادر بكل ما أوتي من قوة، وبكل الوسائل المتاحة؛ ليطفئ الحريق المشتعل. هذا هو حالنا، فنحن في المنتدى لا نسأل شخصاً عن موقفه ومحنته وملته أو دعوته، وإنما نطلب شيئاً واحداً، هو أن يتوقف عن القتال؛ لأننا نعتقد أن التوقف عن الحروب، وتحقيق السلام هو مقدمة العدل وهو مقدمة الحياة، وهو الضرورة الحقّة للدين والدنيا، فمن يريد أن يحقق الدين عن طريق الحرب فقد ضل السبيل، ومن يريد أن يحقق مغانم دنيوية عن طريق الحرب فإنه من طريق الخاسرين”.
كما تحدث في الاحتفال السيد آدم جنك، المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بوقف حروب الإبادة الدينية والعرقية، فقال: “نحن نعيش في عالم لا ينتهي فيه العمل من أجل السلام، ولن ينتهي إذا أردنا أن يكون كوكب الأرض مكاناً آمنا لنا ولأولادنا في المستقبل، وقد ألهمنا دعم سمو الشيخ عبد الله بن زايد، وزير الخارجية والتعاون الدولي، ومتابعته المستمرة لجهود تعزيز السلم عن قرب؛ على تقديم رؤى متجددة، ومساعدتنا في تطوير إسهاماتنا في تعزيز التعايش والسلم العالمي. وأود أن أهنئ العلامة الشيخ بن بيه على عمله الجبار في إصدار “إعلان مراكش” لحماية حقوق الأقليات في الديار الإسلامية. ومن المهم أن نرى هذا الجمع الكبير من الأكاديميين والعلماء والفلاسفة والمفكرين والسياسيين، وهم يتحدون لمناصرة حقوق الإنسان انطلاقاً من “إعلان مراكش”، ومن تربة هذا البلد الكريم المعطاء”.
أما رئيس وزراء أفريقيا الوسطى السابق محمد كامون، فقال: “نود أن نسهم مع جهود المنتدى بتجربتنا الناجحة في جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث يتوجب علينا أن نواجه التهجير والعنف الذي يتعرض له الناس في بعض الدول العربية والمسلمة حول العالم، وذلك انطلاقاً من المصالحة بين جميع المكونات الدينية والاثنية، وإشاعة قيم التسامح والتعايش السلمي بينها، وتضييق الطريق على الأفكار المتطرفة والمنحرفة لضمان العيش الآمن، والتوجه نحو بناء المستقبل، وأحب أن أؤكد أن إقامة هذا المحفل الكبير في الإمارات ليس أمراً اعتباطياً، وإنما لأن الإمارات قدوة في هذا المجال في المنطقة والعالم في التعايش والوئام، ولأن قادتها يحملون رؤى مشرّفة، وأدواراً مشرقة حققت بكل نجاح هذا الطموح الكبير” .
توصيات الملتقى الثالث
وأوصى البيان بمتابعة الاهتمام بالمفاهيم التي يترتب عن سوء فهمها إخلال بالسلم الاجتماعي أو الأهلي أو العالمي، وضرورة التركيز على المزيد من التنسيق مع الهيئات والمنظمات وممثلي الديانات المختلفة في مجال نشر قيم السلم والعيش المشترك والأخوة الإنسانية. وشدد على تعزيز قيم الدولة الوطنية في المقررات الدراسية في المجتمعات المسلمة وفي أقسام الدراسات الشرعية، وتشجيع البحث الجامعي في مجال التأصيل للدولة الوطنية مقاصد وتاريخاً، وتخصيص جوائز وطنية، وعلى صعيد المجتمعات المسلمة للبحوث المتميزة في دراسة المفاهيم الشرعية المرتبطة بالدولة في نشوئها وتطورها وعلاقتها بالواقع المعاصر. هذا فضلاً عن نشر أعمال هذا الملتقى بمختلف وسائل النشر الورقي والإلكتروني والتفاعلي؛ لتعم بها الفائدة، ويتاح التواصل حولها مع الهيآت العلمية لمنتدى تعزيز السلم ومع المسهمين فيه بالعروض والبحوث.
البيان الختامي
عقب تسليم الجائزة للفائزين، تلا الدكتور أحمد سنوني، منسق اللجنة العلمية في منتدى تعزيز السلم، البيان الختامي لأعمال الملتقى السنوي الثالث للمنتدى، وسط اهتمام رسمي وإعلامي وشعبي واسع. حيث أكد البيان أن معضلات الأمة الإسلامية لن تجد لها حلولاً بمعزل عن دينها الذي ارتضاه الله لها بالأدلة البينات والحجج الواضحات؛ بشرط سلامة منهج التعامل مع النصوص، وعمق الفهم لمقاصد الشريعة، وحسن تنزيل الأحكام الشرعية على واقع اتضحت معالمه واستوعبت عناصره وأبعاده. مشدداً على أن أزمات الأمة الإسلامية، تكمن في تجديد الخطاب الديني؛ ليُعبّد للناس طرق السلم والعيش المشترك والترقي في مدارج تكريم الإنسان وعمارة الأرض بالخير والجمال.
وخلُص البيان إلى أن الدول الوطنية في عالمنا الإسلامي مع اختلاف أشكالها وصورها، هي نظم شرعية لها من المشروعية ما للإمبراطوريات الكبرى التي كانت قائمة في التاريخ بناءً على قانون المصالح والمفاسد الذي تدور حوله أحكام الشرع، فلا يجوز أن تراق الدماء لتوحيد الدولة، ويجب أن يسود السلام. مشدداً على أن التضامن وإصلاح الوحدات الوطنية، هو السبيل الوحيد للخروج من الظروف الحرجة التي تعيشها المجتمعات المسلمة اليوم. وأن مكافحة الإرهاب الذي يعتبر آفة العصر ومرضه العضال، تقتضي تكاثف جهود الجميع مادياً وفكرياً والتضامن مع المسلمين وخاصة في المنطقة العربية؛ لأنهم أول المتضررين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى