يوسف إدريس كاتب له ضحاياه

أولى الناقدُ شعبان يوسف الروائيَّ الراحل يوسف إدريس اهتماما كبيرا، متتبعا أعماله وملقيا الضوء على ما تضمنته من جوانب إنسانية واجتماعية، ومبرزا مكانة هذا الروائي بين أقرانه من أبناء جيله.

ويقدم شعبان صورة وافية عن تجربة إدريس القصصية، مسلطا قلمه الناقد على بعض جوانبها الخفية، لا سيما قسوته على بعض الكتّاب من معاصريه، مما جعلهم أشبه بـ”ضحاياه”.

وفي هذا السياق، يأتي كتاب الناقد المصري شعبان يوسف بعنوان “ضحايا يوسف إدريس وعصره”، الصادر عن دار بتانة للنشر، والذي أعدت غلافه الشاعرة والروائية الإماراتية ميسون صقر.

ويوضح الناقد أن يوسف إدريس ظل شاغلا للحياة الثقافية والأدبية والسياسية ما يزيد على أربعة عقود من الزمان، منذ انفجرت موهبته عام 1950، ونشر قصته الأولى “أنشودة الغرباء”، ثم توالت قصصه فيما بعد، إلى أن نشر مجموعته القصصية الأولى “أرخص ليالي” عام 1954، ليصبح في طليعة كتّاب القصة القصيرة في العالم العربي، ويجد استقطابا عاما إلى درجة أضرت بكتّاب الجيل الذي سبقه، وبالتالي كتاب جيله الذين أصبحوا شبه مستبعدين عن المشهد الأدبي.

ويبين الناقد أن العلاقات القوية بين إدريس والسلطة السياسية ساعدت على تعميق وتعميم وجوده الأدبي في الثقافة المصرية والعربية والعالمية، وكرست فكرة الكاتب الأوحد، والكاتب الظاهرة.

ويقول الناقد إن إدريس برز في كتابة القصة القصيرة عندما قدمه عبدالرحمن الخميسي في صحيفة “المصري” عام 1952، وظل اسمه يكبر وينتشر بقوة حتى جعلته مجلة “روز اليوسف” مشرفا على باب “القصة القصيرة”، وكان هو الذي يقرر أي القصص التي تُنشر منذ عام 1953.

نظرات نقدية مختلفة تشكلت تجاه مجموعة إدريس الأولى “أرخص ليالي”، فرحب بتجربته خاصة أبناء اليسار الذي كان ينتمي إليه إدريس، بداية من علي الراعي وأحمد عباس صالح ومحمود أمين العالم ومحمد مندور وغيرهم، وفي المقابل هاجمها آخرون مثل عبدالمنعم شميس وأنيس منصور وغيرهما.

ويتحدث يوسف عمّا حدث للروائي يحيى الطاهر عبدالله مع يوسف إدريس، حينما كتب الأخير في مجلة “الكاتب” (أغسطس 1965) “كنت أفضّل ألّا أنشر ليحيى الطاهر عبدالله هذه القصة، بل كنت أفضّل فوق هذا ألّا ينشر يحيى ما يكتبه الآن، فهذا الشاب الصعيدي النحيف الأسمر الساخط على القاهرة والمدينة وكل شيء، يقوم، كما سترون كاللمحات الخاطفة في هذه القصة، بمغامرة فنية قد يجازى في نهايتها بلون فريد من ألوان القصة يتميز به وقد لا يخرج بشيء بالمرة، ولكني من أنصار المغامرة، فالحياة نفسها مغامرة كبرى لا تخرج منها الكثرة بشيء ولكن معظمنا أيضاً يكسب لذة الحياة المغامرة نفسها”.

مقدمات من هذا القبيل قد تفسر الدور الذي لعبه إدريس في الساحة الأدبية المصرية وحتى العربية، بوصفه دورا سلطويا مثيرا للجدل، وهو ما ناقشه الناقد شعبان يوسف بجرأة في كتابه الأخير، مبيّنا العلاقة المتشابكة بين السلطة حتى الأدبية منها والأدب.

 

(العرب)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى