المؤلف سامي طبارة يضع بصمته العربية في الثقافة الألمانية

تحتشد الآن القارة الأوروبية، وعلى وجه الخصوص ألمانيا بملايين اللاجئين والمهاجرين من المنطقة العربية، وتتجه وسائل الإعلام جميعها بما فيها العربية لعكس واقع القادمين الجدد بسبب الحروب وغيرها، وكيف يواجهون ويتكيفون مع عالمهم الجديد، ولذلك فإن قصص وتجارب بعض المهاجرين العرب إلى أوروبا قبل ما يزيد عن نصف قرن لا تجد حظها في أن تعكس واقعها، لا سيما التي نجح أصحابها في تحقيق إضافات حياتية وثقافية وفنية. ومن بين هؤلاء تخرج تجربة المهاجر المهندس سامي عادل طبارة في ألمانيا الاتحادية وقتها، فقبل ما يقارب 52 عاما وطأت قدماه أرض ألمانيا، وكان كلما واجهته التحديات وأسرته وجه جهده لحلها ومساعدة مجتمعه العربي والمسلم، هي تجربة فريدة ومتصلة ولم يهزمها تقدم السنين بصاحبها ونشاطه الثر.
في عام 1959 قدم المهندس سامي طبارة إلى المانيا للتخصص في الهندسة لدى شركة «AEG» لمدة عام، جاء إلى ألمانيا قادما من جدة السعودية، حيث ظل يعمل هناك لثلاث سنوات في مجاله كمهندس كهربائي، وخلال عام واحد وبجانب تخصصه القادم من أجله برع طبارة في تعلم اللغة الألمانية في معهد غوتة، ليجــــــد الطريق سهلا للتعاطي مع الحياة في ألمانيا، وسرعان ما اكتملت فترة التخصص ليقفل راجعا إلى مدينة جــــــدة، التي قدم منها وليتولى مســــؤولية إدارة قسم الكهـــــرباء لمنتجات الشركة الألمانية «AEG»لدى الوكيل العام للشركة السعودية الحديــــثة للتوريدات لجميع مدن المملكة.
حنين العودة إلى ألمانيا

ظل المهندس سامي طبارة يباشر عمله لخمس سنوات كاملة في المملكة العربية السعودية، لم يفارقه فيها حنينه للعودة إلى ألمانيا مرة أخرى، وأخيرا قرر مغادرة السعودية إلى ألمانيا حيث استقر في مدينة «أوسنابروك» منذ عام 1966.
ولطبيعة مجاله وتخصصه السابق اثناء زيارته الأولى لألمانيا وجد فرصة للعمل مع شركة الكهرباء والماء والغاز، ثم انهمك في حياته العملية الجديدة وسط مجتمعه الجديد مع عائلته. سنوات من العمل الجاد حتى عام 1992 حيث تقاعد عن العمل في كانون الثاني/يناير من العام ذاته. خاتما عمله المهني كمهندس كهربائي بتجربة وخبرة بلغت 42 عاما كاملة.
إلى هنا والقصة ربما تشابه قصص الكثير من المهاجرين العرب إلى أوروبا، غير أن طبارة وكما كان مهتماً بعمله وتطوير قدراته في المجال والاهتمام بعائلته في الوقت نفسه، كان مهتماً أيضا بدراسة اللغة العربية وهو العربي القادم من لبنان، كما أنه قام بإصدار عدة كتب ونشرات دراسات إلى جانب كتابة مذكراته منذ نعومة اظفاره حتى بلوغه من الكبر عتيا، راسما تفاصيل حياته العامرة بالعطاء ما بين «بيروت»، «جده» وأوسنابروك الألمانية، التي قدم إليها يوسف فيخمان. والمذكرات التي تقع في 216 صفحة تضم مجموعة من الصور لمراحل مختلفة بجانب أهم ما كتبته صحف عربية وألمانية عنه وعن جهوده.
مؤلفات أخرى

ومن بين جملة مؤلفات المهندس سامي طبارة، مؤلفه «صرخة حق من ألمانيا» الذي صدر باللغة العربية وتمت ترجمته إلى اللغتين الألمانية والتركية. ولهذا الكتاب قصة يجب إيرادها، وقتها كانت ألمانيا تشهد فعاليات مختلفة تلامس قضايا الدين الإسلامي، ومن بينها فعالية نظمت عام 1984 في أحد المتاحف الألمانية حملت اسم «نصارى ومسلمون» شارك فيها المهندس طبارة، وخلال هذا النشاط وغيره يقول طبارة، إنه لاحظ الآراء السطحية عن الإسلام، التي يقدمها بعض المستشرقين وكذلك بعض المسلمين بمن فيهم الألمان المسلمون، ما دعاه حسبما أورده في كتابه، أن يندفع للكتابة ووضع الأصبع على مكامن الخطر وما يجري بحق الإسلام باسم الإسلام والحرية، حيث عمد الكاتب إلى توضيح مفاهيم الإسلام الصحيح اعتمادا على المؤلفات الإسلامية الموثوقــة وتفنيد بعض الآراء المغلوطة عن الإسلام وسط المسلمين الألمان وغيرهم.
ثم اتبع المهندس سامي طبارة مؤلفه الاول بثان سماه «مفتاح إلى اللغة العربية» قصد به تعليم العربية قراءة وكتابة، سمعا وتكلما، وقام بتقسيمه إلى جزءين، الأول كتاب عملي لتسهيل رسم اتجاه الخطوط العربية وكيفية وصلها، وهو أقرب إلى دفتر خط للتمرين، اما الجزء الثاني فهو مخصص لتعليم اللغة العربية للمبتدئين. يقول طبارة إن ما دعاه للاهتمام بموضوع تعليم العربية أنه قبل سنوات طويله أطال البحث عما يوفر لابنتيه تعلم العربية فلم يجد شيئا في المكتبات الألمانية، ومن هنا قرر أن يؤلف «المفتاح للغة العربية».
كما أصدر أيضا مؤلفه «التوحيد والتثليث» طرح عبره موقفه من الإلحاد والمادية.

(القدس العربي)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى