كل من هاجموا «خطايا الآلهة» لم يقرأوها : الروائي المصري أدهم العبودي: لا يمكن فضح المسكوت عنه إلا بالكتابة

عبد السلام الشبلي

يرى الروائي المصري أدهم العبودي أن الجوائز الأدبية غير ملزمة للكاتب بمسار كتابي معين، مؤكدا أن قيمتها المادية أكبر من قيمتها المعنوية، مشيرا إلى أنه حاول في أعماله الروائية التركيز على جدلية العلاقة بين الرب والبشر، ما فتح عليه أبواب الهجوم والنقد اللاذع في روايته «خطايا الآلهة» المثيرة للجدل، معتقدا أن الذين هاجموها لم يقرأوها أصلا.
يؤمن العبودي ـ الحائز جائزة الشارقة للإبداع العربي عن روايته «باب العبد» بمستقبل الرواية المصرية، مؤكدا أنها بخير رغم كل شيء، ومعتبرا أن المجتمع الثقافي المصري في حالة سبات عليه أن يصحو منها قبل فوات الآوان.
المزيد في الحوار التالي..

■ من هو أدهم العبودي، الروائي والحقوقي؟
□ أدهم العبودي إنسان يحلم دوما بالمقبل، تخالجه تصوّرات عن المستقبل، تصوّرات لا تنقطع، طموحي لا حدود له، أتقنت مهنة المحاماة وتفرّدت عن معظم أبناء جيلي، شغفي بالتقدّم والتجديد والتطوّر لا يقف عند حد، أنبش عن الأفكار التي لا يُمكن لغيري كتابتها، الأفكار الوهّاجة تلك، التي لا تفنى بفناء زمنها، بل تظلّ برّاقة ملهمة، مع كلّ رواية فكرة تخص أدهم العبودي فقط، فكرة لم يكتبها أحد، أرنو دائما لمنطقية تغيير الوعي، فنحن الكتّاب قادرون على الارتقاء بالوعي وتغييره، والثورات تبدأ دوما من الكُتب، وتنتهي وتكتمل داخل الكُتب.
■ كتبت الرواية والقصة والشعر، في رأيك أيهم أقدر على تحريك المشهد الثقافي المصري في الوقت الراهن، ولماذا؟
□ الرواية بالطبع، لأنّها الأقرب كفن للذوق العام، والتلقّي واسع النطاق.
■ بماذا ترتبط كتابتك، التفكر في مفردات الحياة المعاصرة أو الماضية، أم الومضة التي لا ترتبط بزمن أو سياق معين؟
□ كتابتي ترتبط بعناصر متداخلة، يُمكن اقتفاء أثرها خلال المتلقي نفسه، طبعًا أهمها العنصران المذكوران، مع عناصر أخرى منها جدلية العلاقة بين الرّب والبشر، والدخول في مجاهل النفسية الإنسانية التي لا يُمكن الوقوف بشكل قطعي على تداعياتها وملابساتها وتحولاتها، مهتم أيضًا بتتبع التبدلات المجتمعية التي يفرزها التحول الثقافي والسياسي عبر الأزمنة.
■ قيل «إن الرواية أفضل مقبرة للأحلام»، هل تعكس رواياتك أحلاما وحكايات تحاول دفنها فيها؟
□ على العكس تمامًا، رواياتي تصنع الأحلام والحكايات والأفكار لا تدفنها، أظن أن هذا هو المهم.
■ حصلت على العديد من الجوائز أبرزها جائزة الشارقة عن روايتك «باب العبد»، هل تعتقد أن الجوائز تجبر الكتاب على نمط معين من الكتابة وتقيدهم أم لك رأي آخر؟
□ الجوائز غير ملزمة، الجوائز تُمنح للكتابة الجيدة، وليست شرطًا كذلك، قيمتها المادية أكبر من قيمتها المعنوية من وجهة نظري.
■ الكاتب ابن بيئته دوما، ظهر ذلك في روايتك متاهة الأولياء بشكل جلي، ما الذي حاولت أن تقوله للقارئ في هذه الرواية؟
□ حاولت تسليط الضوء على مجتمع مهمل بشكل متعمد، مجتمع تفشى فيه الجهل وأكل وشبع، مجتمع ما زال يعتقد في الموروث بشكل إيماني، حاولت تشريح هذا المجتمع في قالب فانتازي ومأساوي، المسكوت عنه لا يُمكن فضحه إلا بالكتابة.
■ في روايتك «الطيبون» استندت للبرديات المصرية القديمة، كدعم فكري للرواية، في رأيك ماذا تقدم هذه الاستنادات لأي عمـــــل روائي وهل تراها مناســــــبة دوما؟
□ بالطبع مناسبة طالما أن الرواية تاريخية، من غير المعقول أن نطأ فترة تاريخية بعينها دون أن نلم بها وأن نقرأ عنها.
■ في روايتك «الخاتن» هناك سرد جديد للحكاية الكردية والأكراد، ما الإضافة التي قدمتها الخاتن لقصة معاناة الأكراد، وماذا يميزها عن كتابات أخرى تناولت القضية نفسها؟
□ لا توجد روايات عربية تناولت قضية الكرد حتى الآن إلا «الخاتن»، حاولت من خلالها الولوج إلى عالم اندثر، وقومية كبرى ضيعتها أطماع الأنظمة الحاكمة.
■ رفعت ضدك مذكرة لإيقاف توزيع روايتك «الطيبون» من قبل رئيس قطاع الآثار، بتهمة أنك شوهت تاريخ مصر. ماذا تقول في هذه الحادثة؟
□ هذا طبيعي في ظل مجتمع جاهل لا يُمكن أن يفكر خارج الصندوق.
■ في حوار سابق قلت إن الكتابة هي خطوة نحو المستقبل، والآن كيف ترى مستقبل الكتابة المصرية؟
□ أرى أن هناك نماذج حقيقية يمكنها أن تقود الثقافة القرائية الجمعية وثقافة المتلقي في ما بعد، نماذج معظمها معتكف، يكتب في هــدوء، مستقبل الكتابة المصرية بخير، أو هكذا عليّ أن أرى المشهد وإلا بات غائمًا.
■ في كتابك «نوستالجيا» قدمت وجبة دسمة من الحنين للأشياء التي عشتها وعاشها جيلك من المصريين، كيف رسمت هذه الذكريات ملامحك ككاتب وماذا فتحت لك من عوالم؟
□ اضطررت لمراجعة ذكريات عشرين عامًا مضت، ارتحلت إلى زمن قديم، عاش بي وعشت فيه، زمن كان كل شيء فيه محتفظًا بجلاله وعظمته، «نوستالجيا» كتاب حميم، كتبته إثر حالة مسيطرة من الحنين الملح، أحبه جدًا، وأتمنى أن أكتب جزءا ثانيًا منه.
■ ما الذي أثارته رواية «خطايا الآلهة» وما سبب صدمة القراء فيها؟
□ عنوانها لم يتم استدراكه أو تقبله بدلالاته، رغم أن كل من هاجموها لم يقرأوها، وهذا غريب، رغم أن الرواية فيها دعوة صريحة للبحث عن الله داخل كل واحد فينا.
■ ماذا تقول عن المجتمع الثقافي المصري اليوم؟
□ على المجتمع الثقافي أن يزهد عن الفتات، وأن يستيقظ من سباته الذي طال.

(القدس العربي)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى