سفينة نوح

الجسرة (خاص)

تامر القزاز
( 1 )
دخل الوزير مسرعاً إلى ديوان الملك، بدا عليه القلق والارتياب، لم يلق سلاماً ولا تحية ، نظر إلى وجوه الجالسين في حضرة الملك ، عبر إليه، همس في أذنه …
الملك : ماذا تقصد ، أتريد أن تقول أن السماء غاضبة
ضحك فقهقه الحاضرون ، همس الوزير ثانية في أذن الملك
الملك: لن ينال منى طوفان ولا غيره، أنا الملك، أنا من وضعتني السماء هنا كي أحكم في مصائر العباد وأسير الأمور طبقاً لتعاليم السماء التي نزلت على وحدي و لا علم لكم بها.
أخرج الوزير ورقة مطوية ودفع بها لمولاه … وهنا اقتنع الملك .

( 2 )
الوزير : مولاى … الرعية خائفة
الملك : رعية حمقاء … لا تدرك أن ملكها لا يعرف الخوف ولا القلق
الوزير : مولاى … إن الطوفان قادم لا محالة
الملك : لا تقلق المجتمع الدولي سوف يدعمني
الوزير : مولاي … ماذا يمكن للمجتمع الدولي أن يصنع
الملك : سأطلب منهم منحة لا ترد … كي نبنى سفينة تنقذنا
الوزير : وهل تتسع السفينة لكل الرعية
الملك : اجمع من كل نوع زوجين، رجل أعمال وأخرى سيدة أعمال، قاض وقاضية، شرطي وشرطية، و…. ، و …. لا تنسى الحسناوات اجمع لي منهن عشرة أو … عشرين.
( 3 )
اضطرب حال الرعية … كل بانتظار الطوفان …كبار رجال الدولة صعدوا إلى ظهر السفينة، أما بقية الرعية فكل يبحث عن وسيلة تمكنه من الصعود… عهد الوزير بأمر السفينة إلى رجال فاسدين … باع النساء أجسادهن كى يصعدن، ودفع الرجال ما يملكون من مال … ما قيمة المال إذا ما حل الطوفان.
( 4 )
انهمر المطر … الرعية ترتعش … والملك يبتسم من على ظهر السفينة … ارتفع مستوى الماء … الرعية تغرق … والملك ينظر ويقهقه … السفينة تتحرك وكلما تحركت قهقهة الملك …نظر إلى وزيره … وجده يبكى:
الملك : أتبكى؟! … لقد حافظت علينا السماء لنكمل المسيرة
الوزير : إنهم يصارعون الموت غرقاً … أنظر مولاي
الملك : إنهم غير مؤهلين للحياة … عاشوا كالحيوانات … يريدون طعاماً وشراباً ونساءً .. بل وعدلاً … ( يقهقه ) دعنا نتخلص منهم
الوزير : كانوا يثقون بنا
الملك : كانوا أغبياء …
الوزير : بعض من صعدوا معنا لا يستحقون
الملك : لقد انتهى الأمر … لقد عبرت بكم المحنة
( 5 )
دخل الوزير مسرعاً إلى قمرة الملك ، بدا عليه القلق والارتياب ، لم يلق سلاماً ولا تحية ، نظر إلى وجوه الجالسين في حضرة الملك ، عبر إليه ، همس في أذنه ….
الملك : ماذا تقصد ، أتريد أن تقول أنني لم أعبر بكم المحنة
ضحك فقهقه الحاضرون ، همس الوزير ثانية في أذن الملك
الملك : سأقتل الفاسدين الذين صنعوا السفينة ، أنا الملك، أنا من وضعتني السماء هنا كي أحكم في مصائر العباد و أسير الأمور طبقاً لتعاليم السماء التي نزلت على وحدي … أسمع أطلب منحة من المجتمع الدولي كي نصلح السفينة
الوزير : أخشى أن الوقت لن يسعفنا
همس الملك فى أذن وزيره: خفف حمولة السفينة … ألق هؤلاء الحمقى في الطوفان.
( 6 )
جلس الوزير إلى جانب الملك بعد أن تخلصوا من كل الركاب … تبادلا نظرات الحسرة ،،، قهقه الملك ثم قال : وما ذنبي أيها الوزير … هذا قدر السماء وعقابها لشعب فاسد … أنظر ماذا فعلوا بسفينتي … دعنا الآن نتوجه إلى مجتمعنا الدولي … سيدعموننا … وربما يبحثون لنا عن شعب جديد نحكمه.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى