وكان.. وكنا..

نبضات

كنت أتجاذب الحديث مع الصديق الإعلامي والشاعر محمد جاسم المعضادي، ولأن ذاكرة الإعلامي ذاكرة جيل كامل، وكما قيل «أكبر منك بيوم.. أفهم منك بسنة»، فقد أخذني إلى الماضي البعيد، أعادني إلى مرحلة الطفولة وأيضًا إلى الأحياء القديمة. قال بو بدر: أين هذا الجيل من الأحياء القديمة، بل أين الألعاب الشعبية، الخشيشة، والتلين والماطوع، وأين التحديات في مُباريات كرة القدم في الفرجان، الآن أحفادي مع الموبايل والآي باد.
ثم هل هذا الجيل يقرأ، أرجوك يا صديقي دعنا نعود إلى الماضي.. هل تذكر كتب القراءة في المرحلة الابتدائية، سواء المنهج السوري، أو المنهج المصري لاحقًا، هل تذكر مثلًا تلك الأناشيد، نعم كنا نرددها:
قطتي سميرة.. واسمها نميرة.. لعبها يسلي.. وهي لي كظلي.
أو تلك الترنيمة الخالدة:
ساعة نومي ها هي.. تدق لي ثمانية.. فيا أبي وأمي.. أصبحتما في عافية، أخي بوعلي.. هل هذا الجيل يقرأ.. أو يحفظ قصائد من عيون الشعر العربي..!!
هل سمع مثلًا بكامل الكيلاني.. أو محمد سعيد العريان.. طبعًا لا.. وألف ألف لا.
قلت يا بو بدر.. لهذا الجيل واقعة.. وكان لجيلك واقعة. الآن جل فِلذات أكبادنا في المدارس الأجنبية، واللغة، حتى لغة المُخاطبة فيما بينهم لغة شكسبير..
وهنا قاطعني بو بدر: إنها أكبر مأساة. نعم.. أن نفقد التواصل مع لغة الضاد. والحياة في كينونتها غيرت ملامح كل شيء.. جيلنا.. كان البحر ملاذه.. إما على السيف نلتقط الصقوع أو الحويت.. أو نلاحق الشربيان.. وما أحلى ونحن نصطاد السمك في الفرضة، دعنا من كل هذا وعندما كبرنا كنا نمارس الكيرم والدامة في العديد من المقاهي المُنتشرة، ثم هل تذكر أعراس زمان، الطرب. مرة محمد زويد ومرة عوض الدوخي، أو أحمد سند ومحمد راشد الرفاعي، وعلي هريم وعلي خالد، وعبدالله أحمد، وعيسى بدر وإدريس خيري وعشرات الأسماء، اختفى كل هذا، هل تذكر ليالي رمضان وكباب عزيز في سوق واقف، نعم الزمن غلف واقعنا.
الآن وأنا أقطع ما بقي من رحلة الحياة أعود إلى الماضي البعيد، أتذكر مجلة سندباد ومُباريات المدرسة، أكتشف أن جيلنا كان الأسعد، فرحة عارمة في استاد الدوحة وصراع الأندية خاصة بين النجاح والوحدة، الأهلي حاليًا والعربي، وصرخات فريد عبدالله. «ورا الباك يا حكم» ويصرخ المرحوم مبارك على اللاعب عبدالله ذياب، لا تخليه يمر.. وفي المساء يلتقي الجميع معًا، ويتشاركون في الجلوس حول صحن الأكل معًا!!

hrasheed@al-rwaq.com

المصدر: جريدة “الراية”

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى