نبضات …. الرحيل المُفاجئ

برحيل الصديق الدكتور ربيعة بن صباح الكواري، فقدت الحركةُ الإعلاميّةُ والإبداعيّةُ قلمًا ساهم ولسنوات في الحَراك الإبداعي، سواء في الإطار الأكاديمي أو عبر العديد من المُلتقيات الإبداعيّة محليًا وخليجيًا وعربيًا، وكان صوتًا مُميزًا، وكان ثريًا بإصداراته في إطار التراث. كان يهتم بتوثيق كل ما يرتبط بهذا الوطن من سِيَر الشعراء والأدباء، وقد ساهمنا معًا في البحث حول تاريخ ودور الفنان الكبير المُلحن المرحوم عبدالعزيز ناصر، ولكن القدر قد عاجل برحيله، ولم يتم إصدار هذا الكتاب المُشترك بيني وبينه، وأتمنّى أن تقوم جهة ما، بإصداره وأن تكون أرباحه صدقةً على روح الصديق الدكتور ربيعة، وهذا إقرار مني.
الدكتور ربيعة، منذ بداياته كان قد وضع نُصْبَ عينيه قيمة العلم والمعرفة، وكان شغفه بالمعرفة، ولذا ارتبط بهذا الأمر، حتى تحوّل إلى أستاذ أكاديمي يغرف من معين معرفته تلاميذُه، ولم يقتصر الأمر على الإطار الأكاديمي فقط، بل لعب دورًا في الصحافة المحليّة ووسائط الإعلام من إذاعة مسموعة، ومرئية.
في وطننا قليلون بل نادرون من ارتبطوا بالصحافة والفن والفكر، ذلك لأن البعض قد ارتبط لفترة من عمر الزمن ثم اكتشف المُعاناة، ولكن أمثال الدكتور ربيعة واصل العطاء دون انتظار لأي مردود، ذلك أن هذا الأمر كان واجبًا وطنيًا، كان يرى أن الآخر يحصد ويجني ثمرة بعض جهده. أما أمثاله فلا يحصد حتى كلمة شكرًا، وعندما بدأنا معًا رحلة البحث والتنقيب عن زملاء رحلة الموسيقار المرحوم كنا نبحث عن الحقيقة، كنا نريد أن نُحققَ ونُنجزَ أمرًا مُغايرًا، نُكمل ما بدأه زملاء المرحلة، ولذا فإن هذه كانت أمنية الراحل الكريم، وأنا أضع هذا الأمر بين يدي ابننا العزيز صباح والجهات التي بمقدورها تنفيذ الأمر مثل مكتبة قطر الوطنيّة أو إحدى صحفنا المحليّة، أو إحدى دور النشر، ولا أعتقد أن الأمر عسير على التنفيذ، لأن الراحل يستحق منا كل التقدير لما قدّمه للإبداع عبر التراث والفكر والصحافة طَوال هذه السنوات، وكان على أُهْبَة الاستعداد لتلبية أي دعوة، يتم توجيهها إليه، سواء للإذاعة أو لأي وسيلة إعلاميّة.
لك الرحمة والمغفرة، فبرحيلك خسرنا صوتًا قطريًا، كان صادقًا مُدافعًا عن الحقيقة، قلمًا كان ينبض بالحق والصدق، لك الرحمة.. يا أبا صباح.. ولنا السُّلْوَان.

hrasheed@al-rwaq.com

** المصدر: جريدة”الراية”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى