نبضات.. زغنبوت

احتضنت بغداد فعاليات مهرجان الهيئة العربية للمسرح في دورته الـ «14»، وللحقيقة وللتاريخ فإن هذه الدورة لا بد وأن نطلق عليها دورة المفاجآت والكوارث، لماذا الكوارث؟ لأن جل الأعمال التي قدمت ذات مستوى متدن مقارنة بالدورات السابقة، لذا كان الجمهور يبحث عن باب الخروج، أما أكبر الكواري وهذا من وجهة نظر معظم المشتغلين بالمسرح أن يكون الحصاد من نصيب العرض الأمازيغي- المغربي «تكنزا» بالطرح الواعي إلى تبني المشروع الخاص بهم لغة وحضارة، وأن يستبعد مثلًا العرض الرائع للإمارات «زغنبوت» وألّا يرشح حتى العرض العماني «الشيخ الأبيض». لديّ بعض الاستفسارات حول أبعاد العرض الإماراتي، هل عرف الأجلاء أعضاء لجنة التحكيم الموقرة مثلًا الصرخة التي أطلقها الكاتب الكبير إسماعيل عبدالله، وهذا ليس دفاعًا عن نصه، هل سألوا مثلًا عن الرمز الذي حمل اسم الفنان القدير أحمد الجسمي في العرض؟!! «داوود» ودلالات الاسم؟!!
وهل توصلوا إلى الرمز في وصول «البونيان» إلى المنصة؟
وإلى ماذا يرمز كل هذا؟ وهل توصلوا إلى الأبعاد السياسية والاجتماعية في لعبة ذكية قوّمها الممثل فوق الخشبة، وفي الحقيقة هي صرخة من مواطن ينتمي إلى ثرى هذه المنطقة، هل توصلوا إلى أبعاد، شراء الذمم واللعب في مقادير الناس البسطاء، أما الكارثة فعدم معرفتهم في تصوري أبعاد «بيع ابنة النوخذا» إلى «البونيان» هذا النص الصرخة التي مرت هكذا مرور الكرام!!
مع ما حملته من رموز وأبعاد سياسية واجتماعية.. وصراع الدين بين «الملا» و»داوود» فإن «زغنبوت» صرخة سياسية عبر كاتب ناضج وعميق التفكير وعين لاقطة يستحضر الماضي كغلاف خارجي كي يعري واقعنا الحالي، وكل هذا مغلف أيضًا بالأهازيج والإطار الفلكلوري حتى في صراع الفقراء بحثًا عن حبيبات العيش، وفي انتظار سفينة «البونيان» نعم الأهازيج واستحضار الفلكلور لم يتم تقديمهما في إطار فج، ولكن في تأكيد الحالة، حالة الفقر وحالة الجوع وحالة الاستغلال وبيع الضمائر.
«زغنبوت» عرض سياسي، قالت كل شيء ونكأت الجروح بكل إبداعات كاتب هو الأبرز، خطؤه الأكبر أنه ينتمي إلى الخليج، فما زالت تلك الصرخة تدوي في أذني عندما قال أحد الأشقاء العرب «يا الله أصبحتوا تعرفوا المسرح!!» وكأنما إسماعيل عبدالله، وعبدالعزيز السرع، وعبدالرحمن المناعي، وفهد رده الحارث، وغيرهم وكأنما المبدعون هنا لم يخرجوا من عالم البحر والبحث عن لقمة في صراعهم مع أسماك القرش.. و»الدول» وحكايات أخرى.
وأخيرًا.. أقول للأساتذة لجنة التحكيم: زغنبوت.. في جبوركم..

hrasheed@al-rwaq.com

المصدر: جريدة”الراية” 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى