اختتام موسم الندوات في دورته الثالثة بندوة (ازدواجية حقوق الإنسان في الذهنية الغربية)

الدوحة – قنا

اختتمت فعاليات موسم الندوات الذي نظمته وزارة الثقافة في نسخته الثالثة خلال الفترة من 6 إلى 9 مارس الجاري، بندوة تحت عنوان “ازدواجية حقوق الإنسان في الذهنية الغربية”.
حضر الندوة، سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة، ولفيف من الدبلوماسيين والمثقفين والإعلاميين، وحاضر فيها كل من سعادة الدكتور محمد سيف الكواري نائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، والسيد حسام زملط السفير الفلسطيني لدى المملكة المتحدة.


وثمن السفير الفلسطيني، أثناء مداخلته، المواقف التاريخية لدولة قطر خاصة بشأن القضية الفلسطينية، واصفا إياها بالمواقف المحترمة والتي يمكن البناء عليها. وأوضح أن العدوان الإسرائيلي على غزة كشف الوجه الحقيقي للاحتلال رغم كل الجهود التي يبذلها من حملات إعلامية لتلميع وتحسين صورته، حتى تصدعت هذه الصورة وتهاوت وانكشفت حقيقتها أمام الرأي العام العالمي، وسقطت أمام جرائم القتل والتشريد والمصادرة والاعتقال والتجويع.
ولفت إلى أن الكيان الإسرائيلي وضع قواعد جديدة للحروب عن طريق التدمير وقتل الأطفال والنساء إلى غير ذلك، وسط صمت وفشل للنظام الدولي، مؤكدا أن العدوان الإسرائيلي فضح المنظومة الدولية بسبب صمتها على هذه الجرائم، وعدم استخدام القوانين الدولية ضدها.
وحول ما إذا كان هناك وعي غربي تجاه دحض سردية الاحتلال الإسرائيلي، قال السفير حسام زملط: “إن إسرائيل ليست لديها سردية، بل هي تعتمد على الكذب والدعاية المغرضة فقط”، مشددا على ضرورة “فضح التزوير الإسرائيلي، وإبراز السردية الفلسطينية، التي أصبحت تسود العالم بالفعل حاليا، خاصة أنها سردية تقوم على الحق والعدل ونضال يمتد لأكثر من مئة عام”.
وأضاف أن “الكيان الإسرائيلي قام على أساس الإرهاب والتطهير العرقي، وأنه حان الوقت لكشف الاحتلال ونزع المصداقية عنه في كل المنابر الإعلامية العالمية، وإن كانت هناك ثغرات قد بدأت تحدث في جدران الإعلان الغربي ومؤسسات المجتمع المدني”.
وشدد على أن البطولة الحقيقية تكمن في الصحفي الفلسطيني، الذي ينقل لأول مرة في التاريخ الحقيقة للعالم بشكل مباشر وهو يقصف من قبل جيش الاحتلال، منبها إلى أن الكيان الإسرائيلي يقوم بقتل الحقيقة لرغبته في طمس جرائمه.
وأكد السفير الفلسطيني أن هناك جيلا من الشباب العربي في الغرب يقدم العديد من الرسائل إلى العالم، عبر إبداع العديد من الأساليب لتقديم السردية الفلسطينية، والتي هي مسؤولية جميع العرب والمسلمين وليست فقط قضية الشعب الفلسطيني.

من جانبه، تحدث سعادة الدكتور محمد سيف الكواري، نائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان عن المقصود بـ”ازدواجية المعايير الغربية في مجال حقوق الإنسان”، موضحا أنها تعني الكيل بمكيالين، فيما يشير المصطلحان إلى معنى واحد، وهو أن هناك مجموعة من المبادئ تتضمن قوانين وتشريعات وأحكاما تطبق على مجموعة معينة من الناس دون غيرهم حيث تخالف هذه الازدواجية منطق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي وضع في عام 1948، ويقوم على المفهوم الواضح والنقي للعدالة في المعاملة وعدم التمييز والتفرقة بين الشعوب والأعراق والأجناس.
ولفت إلى أن هذا المفهوم يتفق مع ما أشار إليه القانوني في جامعة يل بنيويورك صموئيل موين في كتابه “حقوق الإنسان في عالم غير متكافئ”، وكتابه “اليوتوبيا الأخيرة: تاريخ حقوق الإنسان”.
وأوضح نائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن المركزية الغربية تلقفت فكرة حقوق الإنسان كبديل أخلاقي لإخفاق يوتوبيا الليبرالية الغربية، وأن حقوق الإنسان تمثل جدول عمل عالمي جذاب لتحقيق الحرية، ولكنها ذهبت تدريجيا في الخطاب الغربي إلى إضفاء الشرعية على استخدام القوة والهيمنة على الآخرين.
واعتبر سعادته أن ما يعزز عبارة “المعايير المزدوجة” هو المركزية الغربية التي تنظر إلى القانون الدولي باعتباره ثمرة الحضارة الغربية الرأسمالية، وهذه المركزية الغربية ترى في القانون الدولي أحد أدوات هيمنتها على العالم، ولا تراه أداة لبلوغ العدل.
وفي ختام مداخلته، ساق سعادة الدكتور محمد سيف الكواري، جملة من التوصيات، رأى أن تطبيقها كفيل بحل المعضلة المتعلقة بازدواجية المعايير، ومنها “ضرورة تحرير القانون الدولي من المركزية الغربية، والعمل من أجل تبني مقاربة إنسانية لا تقر ممارسات الهيمنة والسيطرة على الآخرين”.
ودعا إلى ضرورة تعزيز مبادئ حقوق الإنسان، باعتبارها ثمرة إنسانية عظيمة لثقافات وحضارات مختلفة، والنظر إلى مبادئ حقوق الإنسان باعتبارها برنامجا متكاملا لإصلاح العالم تكون فيه كرامة الإنسان هي الأساس، مع عدم اتخاذ الحالات التي تنطوي على انتهاكات لمنظومة حقوق الإنسان من قبل المركزية الغربية معيارا للتعامل، والعمل على توجيه جميع الثقافات في عالمنا المعاصر نحو تحقيق المقاصد والغايات التي تكفل كرامة الإنسان طبقا لنص الدستور الدائم لدولة قطر في المادة (18) بخصوص دعائم المجتمع.
وفي ختام المداخلتين الرئيسيين، تم إفساح المجال لعدد من المداخلات للجمهور، الذي تفاعل مع مضامينها، سواء ما تعلق بدور مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية في وقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، وعدد من القضايا الأخرى.
وقالت وزارة الثقافة في بيان لها: “إن النسخة الثالثة من موسم الندوات، شهدت تنظيم باقة ثرية ومنوعة من الندوات والمحاضرات والأمسيات الشعرية لعدد من أبرز المثقفين والأدباء والمبدعين والشعراء، وذلك انسجاما مع الحراك الثقافي الواسع الذي تشهده الساحة الثقافية في دولة قطر خلال السنوات الماضية، وهو الحراك الذي يمتد نفعه ليشمل مختلف أشكال الفكر والإبداع والابتكار”.
وأوضحت أن موسم الندوات نجح في توفير فضاء أرحب لدعم الحوار الثقافي والحضاري بمختلف أشكاله، وتعزيز النقاش البناء حول المقاربات الثقافية التي تجمع بين الحضارتين الإسلامية والغربية، وإبراز الإرث الثقافي الحقيقي للعرب والمسلمين، إضافة إلى مناقشة أهم القضايا المحلية والإقليمية، بمشاركة نخبة من المفكرين والمثقفين والشعراء والأدباء والإعلاميين والمختصين من داخل قطر وخارجها.
وأكدت أنها تولي اهتماما كبيرا بمخرجات الحوار الثقافي والفكري الذي شهده موسم الندوات، إذ يجري دراستها وتحليلها لتحقيق النفع العام لمختلف مكونات المشهد الثقافي العام في الدولة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى