المناسبات فرص لتعزيز القيم

التركيز في هذا الوقت، على غرس القيم، في شخصية الطفل، لأنها الخطوة الأساسية لتنمية تفكيرهم. وتعتبر المناسبات واحدة من الفرص التي يمكن أن تسهم في نقل القيم والعادات والتقاليد المميزة. فعلى سبيل المثال شهر رمضان مناسبة دينية يكون فيها فروض وعبادات مخصصة به، وفي شهر رمضان مناسبات اجتماعية وتراثية يتناقلها أفراد المجتمع لإحياء تراثه وخصوصيته وربما السمات المشتركة مع شعوب أخرى.

شهر رمضان مناسبة دينية فتظهر فيه الشعائر الدينية مثل الصيام وصلاة التراويح والقيام وأحياء المساجد والإطعام والإفطار وغيرها، ومع طبيعة توقيت الممارسات الدينية تظهر ممارسات ثقافية واجتماعية مثل قبل رمضان في منتصف شعبان الاحتفال بالنافلة وفيها استعداد الناس بالطعام اللازم قبل رمضان وتوزيع أنواع منه، وفي منتصف رمضان احتفال الأطفال بالقرنقعوه في دولة قطر. وأطلق على هذه الليلة العديد من المسميات، فمنها القرقيعان والقريقعانة والكريكعان والناصفة والكريكشون والقريقشون والقرقاعون والقرنقعوه والقرنقشوه مع اختلاف التسميات من منطقة لأخرى، ففي دولة الإمارات يطلق عليها حق الليلة أو حق الله، وفي سلطنة عمان يطلق عليها الطَلْبة، وفي المملكة العربية السعودية ودولة الكويت يسمى القرقيعان والناصفة، وفي مملكة البحرين تسمى القرقاعون والناصفة. وفي جمهورية العراق يطلق عليها كركيعان وتوجد عادة مشابهة في وسط العراق تعرف بليلة ما جينا يا ما جينا، كثير يرى أن أصل التسمية من قرع الأطفال للأبواب، وصار القرنقعوه هو الحلويات والمكسرات التي تقدم للأطفال وأصبحت تصاحبها أهازيج للأطفال لمحادثة أهل البيت بكلمات لطيفة.

الأصل أن المجتمعات تقوم بإحياء مثل هذه العادات في المناسبات الاجتماعية الثقافية المتزامنة مع أشهر العبادات والمناسبات الدينية، لتكون فرصا لنقل قيم العطاء والتفاعل الإيجابي مع محيطه من الأطفال والكبار، وتعزيز قيم الاعتزاز بالماضي والتطلع للمستقبل. ولعل أكبر المخاطر التي تواجه العادات والتقاليد الجميلة، ما وصلت له من مغالاة وإضرار بكثرة الاستهلاك وتحويل كل تفاعل جميل من البساطة للمبالغة، فكثيرا من المناسبات (الحلال) أصبحت بمنزلة (الحرام) بسبب السلوكيات المصاحبة له. فلنجعل كل مناسبة فرصة لتعزيز التعامل مع الموروث بطريقة راقية وبسيطة ومساندة الأبناء لتعزيز القيم مثل الاحترام والشجاعة والكرم والترشيد وغيرها للاسهام في بناء شخصيات راشدة واضح لديها، كيف تساهم في صنع أجيال قادرة على صنع قرارات صحيحة ومتفاعلة مع العالم.

@maryamhamadi

** المصدر:جريدة”العرب” 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى