فيض الخاطر …. العيد.. تاج الفرحة بإتمام الصيام

د.كلثم جبر الكواري
يحتفلُ المُسلمون بعيد الفطر المُبارك بعد شهر كريم، قضوا أيامه في الصيام وعمل الخير، ولياليه في القيام والتهجد وقراءة القرآن، وهذه الصورة المُشرقة للمُسلمين في رمضان، هي الواقع المُمتد عبر مئات الأعوام منذ بزوغ فجر الإسلام، ومن علامات القَبول أن يستمرَّ المُسلمُ في مُمارسة أخلاق رمضان طَوال حياته، ولا يقتصر ذلك على الشهر الكريم فقط، ومن الطبيعي أن تختلفَ عادات المُسلمين في الاستعداد لاستقبال العيد بالحفاوة التي يستحقها، وما زالت الذاكرة تحتفظ بتلك العادات التي كانت سائدةً في المُجتمعات الخليجيّة، والتي تتسم بالتلقائية والفرح والبساطة، بعيدًا عن المشاعر السلبيّة، التي قد تُعكّر صفو الفرحة بالعيد، حيث يتبادل الناس التهاني، وتُمَدّ موائد الطعام في كل بيت، وتُقام مِهرجانات العيد بالعرضات التي تُشارك فيها الفرق الشعبيّة، وتتردد فيها أناشيد الفرح والنخوة والكرم والحماسة، وَفق القيم الإسلاميّة التي تحكم كل الفعاليات الشعبيّة في العيد السعيد، الذي يُتوّج به المُسلمون وداعهم لشهر رمضان، مُتمنين عودته وهم أحياء يرفلون في أثواب الصحة والعافية.
ويُستقبل العيد بالملابس الجديدة، والزيارات لتبادل التهاني، والحفلات التي تُحيله إلى أجواء من الأفراح التي تُنسي الناس همومهم، ليعيشوا فرحة العيد بمُنتهى السعادة، بعد أن منَّ الله عليهم بإتمام صيام الشهر الكريم، والتمتع بمزاياه الروحية العظيمة، وعاداته السلوكية المُنضبطة، ليس بسبب الصيام عن الأكل والشرب فقط، لكن أيضًا الصيام عن فواحش الأقوال والأعمال، وعن مساوئ النيات والظنون، وعن كل ما يجرح الصيام، ويُعكّر صفوه ونقاءه، حتى عندما يُساء للصائم فإنه يُسارع بالقول: (اللهم إني صائم)، ليقطع دابر الخلافات والنزاعات، وينصرف لخالقه بروح صافية وخالية من كل ما يُعكّر المِزاج، ويجرح الصيام، امتثالًا لقوله صلى الله عليه وسلم: (وإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني صائم.. إني صائم)، وهذه أخلاق المُسلم التي أمر الله عباده باتباعها، والتقيّد بها، احترامًا للشهر الكريم، وترويضًا للنفوس، لتستقيم على حُسن الخلق.
في العيد يفرح الصغار والكبار، البنون والبنات، النساء والرجال، فالصغار يفرحون بالعيدية التي يحصلون عليها من الكبار، وكذلك الكبار يفرحون بإدخال البهجة في نفوس أطفالهم من خلال منحهم تلك العيدية، التي كانت في الماضي رمزية وبسيطة، وأصبحت في الحاضر تُمنح بعشرات وربما مئات الريالات، وفي الحالتين يتم صرف العيدية بسرعة الحصول عليها دون التفكير في ادخارها وتوفيرها للأيام القادمة، وقد تعددت وسائل صرفها في مدن الألعاب والمِهرجانات الشعبيّة التي تضم أنواعًا مُختلفةً من المُغريات التي يقبل الأطفال على شرائها بشغف، لتستنفد ما في جيوبهم من العيدية، في أجواء من الفرح والبهجة والسرور، التي تستمر طَوال أيام العيد، وهي ثلاثة أيام كما جرت العادة. وكل عام وأنتم بخير.

alkawarik@gmail.com

** المصدر: جريدة”الراية” 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى