وكنت الصهيل…للشاعرة نجوى شمعون

خاص (الجسرة)

 

حاولت أن أنام ،وكنت الناطور يا أبي
لكن كرومك تناثرت وتجاوزت حدود المسافة
يا أبي ..خلّ لي عينيك ..قد صرت
خمراً وصرت هودجاً من جراح
وصرت تراباً ،وكنت أغرد في جرحي
كنت أطير ..ألمس زرقة أيامي حين أعود
وأذبل ثم أذبل
كنت أطير من ذبحي وفيّ عذب الدموع
وكثيرا ما كنت أحلم ..
لماذا كنت أحلم والشوك حولي
والنساء يتشابهن ويختلفن ،والنجوم أطفال
وقد كنت أحلم ذات يوم
هل حولوا الحلم عن مجراه، ليشقنا البرق سحابةً
والطنين مرايا
قلبك تهاوى يا أبي ..غيماً
إلى أين أنت ذاهب ..أحط حنطتي
لتأخذك سنبلة ..أتفقد خطاك
عذبت دمي ..فرت خيول الليل لتعزف
جمر عينيك ..صرت اغتيالي
والموت ساطع”
ويداك باكيتان
يداك حمامتان
أمشي إليك ..لا بيدر يضمني فيك
غفوت ..كنت غائبا عني وكنت حاضراً
أمشي إليك ..تهبط المسافات بيننا
لافتة الحزن المترف
لا امرأة تحملني على ذراعيها
لتصعد بي نحو الحقول
ولا امرأة تستريح في ظلي وترميني
إلى ظلها المنتظر ..كان ظلي حجراً
لأفتح هاجسي وأضمك حين أضمك
لأهيئ حقلي ..
لأدخل في ضياء عينيك
وكانت أمي بعيدة ..حين تمرين
وكنت أطير من شوق إلى شوق
أبا يدلل كرومه ..
سدى أبحث عنك في انحناءات المساء
لملم نعاس الحقول يا أبي في خصلة باكية
لأكون غدي
كبرت وحدك على الشجر
وخرجت وحدك والسنابل تحصد قلبها
والقمر يرمي حظه ،ليكبر على سور الحكاية
طفل القصيدة ..فتصعد إلى البدايات
ترددت فيك ..وصوتك أخضر وغموض
قرنفل على ساعد الاتجاه
تدخلنا النباتات
يقترب النشيد ..الآن لونك وطن
وكبرت وحدك على الشجر
وضللوك في النهايات الطليقة
يقترب النشيد ..الآن وجهك مطر
الوقت يبتعد بنا
يأخذنا من يدنا جنبا إلى جنب
ويأتيان ..
المرايا العابسات ..عباءات الكلام
عاشقة تتفقد وجه القمر
يقترب النشيد ..
خرجت من عيوننا إلى الطريق
إلى أين يفر الأنبياء..؟!
وكنت أغرد في جرحي
كنت أطير ..ألمس زرقة أيامي حين أعود ،
أتواطأ مع حلم بعيد
خلّ لي عينيك قد صرت
خمراً وصرت هودجاً من جراح
وصرت تراباً ،وكنت أغرد
خطاك تبعثرني ..والعشب أجنحة الأصيل
وتراً للخيول كنت فتحبو صنوبرة
نمر هكذا ..
حليب النجوم وتغريد مئذنة
وكنت الرحيل يا أبي هل أوقفوا القافلة
وكنت الصهيل يا أبي ..
وكنت اليد التي نبطش بها ..لتلعننا
الريح في ملاءات الرجوع
وكنت غدنا ..
هل أطاح بنا الغدير على زهرة أقحوان
لتدق جرحنا ..
تشرح الأرض سرها لتلتفت الأبواب
وكنت الصهيل ..وكنت الرحيل يا أبي
هل أوقفوا القافلة عن حلمها ..!
وكنت تغرد يا أبت
هل أطحت بنا عن شجر الكستناء
فنتبع انتحار الغزال فينا فيك
فيرشدني إلى نافذة مغلقة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى