أمي مريم ..لسوزان آزاد

خاص (الجسرة)

 

بالعادةِ
تنهي عجوزا حياتها مضتجعة على قفاها
وتصفنُ بالسقفِ..
على الأغلب تكون غير مدركةٍ للتمتماتِ حولها
هي يابسةٌ مثل صفصافةٍ بالخريف
وأعشاش قلبها فارغة..

ـــ

مريم العجوز الستينية المطلقة
الخائبةُ من أصولٍ ألبانية
إنتهت حياتها
أسرعُ من زجاجةِ الفرح
وأخذتْ تهرول في جنازتِها لمثواها الأخير..

ــــ

من الطبيعي جداً
أن تكون اليتيمةُ وحيدةٌ
فتباشرَ في الإنفصامِ
ونـادرٌ جـداً
إذا عادت من عنقِ مخيلتها، تبكي على سبيل المثال
أن يحتضن بدنها أبوانِ من تراب
هي تتحسّس الرضى
بيدين ترتجفانِ
من الشوق..

ــــ

القدر موجعٌ
ومتجبرٌ أكثر من اللازمِ
لا حل أوسط في يده
إنَّ كفيه من الداخل يقبضانِ
ويصفع اليتامى في قلوبهم،
القدر قبض مريم
ولأنها أمي بكيت
أكثر من قفاها الذي تورم أنيناً
بالعادة قلت تنهي عجوزاً حياتها تتلو أسماء اولادها
وتمسحههم في قلبها
لكن مريم كانت تضطجع على قفاها
وتصفن بالسقف
وأصفن بدوري في بدنها الذي تلاشى

ــــ

الحرب تفيد الأيتام أكثر من مضرتهم
إنها تأكل البلد
وحـتـى انها تأكل المقبرة..
أُكلت مرتين على الأقل
مرةً في نعشِ أمي
والثانية في قاربٍ على حدود اليونان
وحيث أني الآن صرت بقايا لا جدوى من مضغها
بصقتني الحرب وحيدة في كومةِ
لاجئين ..
لا رأس لي
ولا إذ تعبت مسحتني في قلبها
مريم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى