سيرة النجمة أودري هيبورن في مسرحية فرنسية

نبيل مسعد

رهان صعب ذلك الذي قررت الانغماس فيه النجمة الفرنسية إيزابيل كاريه، حين وافقت على تأدية دور البطولة في مسرحية «ابتسامة أودري هيبورن» التي ألفتها كليمانس بولوك، وهي ابنة القاضي جيل بولوك المتخصص في مكافحة الإرهاب والمنتحر في ثمانينات القرن العشرين، في عهد الرئيس فرنسوا ميتران.
وبولوك معروفة بفضل كتبها الخاصة بتحضير حلوى «الماكارون» الأمر الذي لا علاقة له بسيرة نجمة سينمائية هوليوودية هزت مشاعر الجمهور العالمي العريض في أفلام لأكبر المخرجين دخلت تاريخ الفن السابع، مثل «إجازة في روما» حيث تقاسمت البطولة مع غريغوري بيك، و»سيدتي الجميلة» مع ريكس هاريسون، و «صابرينا» مع همفري بوغارت.
وإذا كانت هيبورن (1929 – 1993) قد اشتهرت طيلة حياتها بالحلاوة من حيث المظهر والروح، فهذا لا يعني أن الكتابة عنها من الممكن أن تقارن بتأليف وصفات لصنع الحلويات، وهنا يكمن الخطأ الذي وقعت فيه كليمانس بولوك، إذ راحت تسرد عبر أحداث مسرحيتها كيف كبرت أودري هيبورن بعيداً من والدها الذي كان قد غادر البيت العائلي، وأمضت حياتها باحثة عنه أو على الأقل عمّن يعوض وجوده.
وقرّر زوج هيبورن، وهو الممثل ميل فيرير، العثور على الأب وتدبير لقاء بينه وبين الابنة التعيسة على رغم شهرتها الدولية، لإرضائها وتخفيف آلامها. ويحصل اللقاء إلا أنه ينتهي بخيبة أمل لهيبورن لأنها لا تعثر في الوالد على الدفء المنتظر بل على رجل غريب لا يبالي بابنته ولا بالنجاح الذي حققته، وقد بنى لنفسه حياة أخرى مع زوجة ثانية كوّن معها عائلة جديدة.
والحكاية مأخوذة عن الواقع الذي عاشته أودري هيبورن، غير أن المؤلفة جردت اللقاء بين الأب والابنة من أدنى العواطف محولة الحوار بين الطرفين إلى مجرد مونولوغ تؤديه الممثلة التي تتولى تمثيل دور أودري هيبورن واقفة وحدها فوق المسرح متخيلة رد فعل الوالد على كل عبارة تتفوه بها، علماً أن رد الفعل إياه يتلخص في صمت دال على ابتعاد الأب الكلي عن ابنته وعلى ضيقه النفسي خلال اللقاء الذي دبره زوج ابنته.

الطفولة المحرومة
تولى الممثل المسرحي المرموق جيروم كيرشير إخراج المسرحية مانحاً دور أودري هيبورن إلى إيزابيل كاريه التي لا تشبه عن قرب أو عن بعد الفنانة الراحلة إلا ربما في كونها بدورها تتمتع بشعبية كبيرة لدى الجمهور الفرنسي.
ولا شك في أن الأمر الأذكى الذي قامت به كاريه، هو الامتناع عن محاولة تقليد أودري هيبورن ساعية إلى إبراز معالم شخصيتها ولا شيء سواها، وعلى رغم ذلك فهي لم تنجح في إعادة خفة روح هيبورن إلى الحياة فوق الخشبة مكتفية بتقديمها في شكل بارد لا يطابق أبداً كل ما عرف عن الفنانة التي خصصت السنوات الأخيرة من حياتها لرعاية الطفولة المحرومة من خلال عملها مع منظمة اليونيسيف.
فهل يعود هذا النقص إلى تعليمات المخرج كيرشير، أم إلى قلة انسجام إيزابيل كاريه مع شخصية هيبورن مثلما وصفتها كليمانس بولوك في مسرحيتها، أم ربما إلى شعورها الصحيح بأنه من المستحيل إعادة امرأة من طراز أودري هيبورن إلى الحياة في المسرح أو فوق الشاشة نظراً إلى الجاذبية التي تمتعت بها وإلى شعبيتها الخارقة؟ وكل ما يمكن قوله في المقابل هو أن إيزابيل كاريه ممثلة كبيرة ومخضرمة معتادة على أداء أصعب الشخصيات في أكبر المسرحيات الكلاسيكية.

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى