كاتبة ليبية تنافس خمسة روائيين على جائزة البوكر

في خطوة تسبق الإعلان عن الفائز بجائزة “البوكر العالمية للرواية العربية هذا العام، أعلنت الفلسطينية سحر خليفة رئيسة لجنة تحكيم الجائزة عن القائمة القصيرة للروايات المرشحة للبوكر، وذلك قبل الإعلان الرسمي عنها في قصر الثقافة في مدينة الجزائر. حيث من المقرر الإعلان عن القائمة بشكل رسمي.

قالت خليفة في بيانها أمس “من بين الكم الهائل من الروايات (186 رواية) التي تقدمت إلى الجائزة العالمية للرواية العربية اخترنا ست روايات لما تتميز به من جماليات شكلية من حيث البناء الفني وتطوير الشخصيات وطرح مواضيع حساسة جريئة اجتماعيا تنبش في المسكوت عنه وأخرى تتناول أزمات الوضع العربي المعقد كما تحتفي بالجوانب المضيئة من التراث العربي”.
سير جريئة

أولى روايات القائمة القصيرة للبوكر كانت رواية “موت صغير” للروائي السعودي محمد حسن علوان، الصادرة عن “دار الساقي”، وهي رواية تاريخية على خلاف ما عودنا به علوان في أعماله الروائية السابقة، حيث يعتمد في روايته هذه على سيرة الشيخ «محيي الدين بن عربي» أحد أئمة الحب والتصوف الكبار، وينقلنا الكاتب إلى جوانب أخرى من حياة الإمام غير التي تداولتها السير الكثيرة عنه.

يرى الناقد إبراهيم عادل أن الرواية قامت على مستويين سرديين الأول يحكي تاريخ انتقال أوراق/مخطوطة تحكي سيرة ابن عربي منذ عام 610هـ/1212م وحتى وصولها بين أيدينا عام 1433هـ/2012م والتي تمر بأيام عصيبة في التاريخ الإسلامي، وتشهد ويشهد حاملوها الكثير من الحروب والصراعات والابتلاءات عبر ذلك التاريخ الممتد. أما المستوى الآخر فتأتي فيه سيرة ابن عربي منذ ميلاده وحتى وفاته وما مر به هو شخصيًا من صعاب وابتلاءات وصنوف المحن والسجن ورحلته الطويلة من غرب البلاد (في الأندلس حيث ولادته وشبابه) إلى شرقها (دمشق) مرورًا بالقاهرة ومكة وغيرها من حواضر العالم الإسلامي للبحث عن «أوتاده» الأربعة، حتى وافته المنية.

وجاءت هذه الرواية التي تجاوز عدد صفحاتها 500 صفحة، بلغة شعرية عالية توازي عوالم المتصوفة، حاملةً معها جزءًا كبيرًا من رحلة وحياة الشيخ الأكبر ابن عربي، تاركة للقارئ فرصة أخرى للنبش في ذلك التراث الثري، واكتشاف ذلك الرجل وعالمه وتفاصيله في كتبه ومؤلفاته الكثيرة التي بقيت شاهدةً على غزارة علمه ورفعته، وعلى حال الناس وتقلب الأحوال من جهة أخرى.

ثاني رواية في القائمة القصيرة للبوكر هذا العام كانت رواية “السبيليات” للكاتب الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل، الصادرة عن دار نوفا بلس، وتسرد الرواية سيرة بطلتها أم قاسم وارتباطها بالمكان، من خلال رحلة عودتها إلى مكانها ووطنها منطقة “السبيليات” خلال الأزمة العراقية الإيرانية.
ويصفها الناقد علي حسن الفواز بأنها “سيرة أديسيوسية” تحمل معها قسوة المحو، وشفرات المكان المستعاد، إذ يتبدى إيهام التخييل بوصفه مفارقة، وعند هذه العتبة الموحشة يحاول المؤلف أنْ يتقصى مستويات لعبته السردية، حيث انشطار الأمكنة مقابل وحدة الشخصية الساردة، وحيث رحلة البحث عن المفقود مقابل التدفق والحرية للذات الساردة وهي تعيش شغف الرحلة.

كما ضمت القائمة القصيرة للجائزة هذا العام رواية “في غرفة العنكبوت” للكاتب والمترجم المصري محمد عبدالنبي، الصادرة عن دار العين. الرواية جريئة في طرحها تتحدث عن العالم السري للمثليين في وسط مجتمع شرقي من خلال البطل المثلي هاني محفوظ الذي نقرأ سيرة حياته فيها من الطفولة إلى سنوات مراهقته وتعايشه مع وسطه.

لكن لا يميل الناقد ممدوح فراج النابي إلى وصف الرواية بأنها عن المثلية الجنسية، حتى وإن طرحت الموضوع بأسبابه المتعددة، ونقلت لنا عوالم المثليين، وظروف معيشتهم وأوكارهم ونظرة المجتمع إليهم، ومع الأهمية لكل هذا فالرواية ليست عن المثلية أو تدافع عنها، أو تبرر دوافع لجوء أبطالها لهذا، وإنما في ظنه هي رواية نفسية عن أزمات شخصيات (أبطال مأزومين).
روايات من الواقع

تأهلت إلى القائمة القصيرة أيضا رواية “أولاد الغيتو – اسمي آدم” للكاتب اللبناني إلياس خوري، الصادرة عن دار الآداب، وهي عبارة عن محاكاة لحكاية وضاح اليمن الشهيرة كما أراد الكاتب محاكاة متشائل إيميل حبيبي، لكنه وجد نفسه في مروية أخرى يؤرخ لمجزرة فلسطينية حقيقية، ويبرئ خوري نفسه من كونه صانعا متخيلا للشخصيات والأمكنة والوقائع، مؤكدا أنه المؤتمن سعيد الحظ على أوراق وصلته تسرد هذا العمل برواية حكائية، تتنقل بين أزمنة وأمكنة مختلفة تتوزع على فلسطين وبيروت وأميركا.

ويقوم متن الرواية على دفاتر تركها آدم دنون، بائع الفلافل الإسرائيليّ في نيويورك، والتي سلّمتها سارانغ إلى أستاذها خوري بعد موت آدم منتحرًا في شقته، في استلهام لميتة الشّاعر الفلسطيني راشد حسين.

خامسة روايات القائمة القصيرة رواية “زرايب العبيد” للكاتبة الليبية نجوى بن شتوان، وهي صادرة عن دار الساقي، والرواية تسرد حكايات العبيد في ليبيا في العهد العثماني وقبل أن تصبح ليبيا مستعمرة إيطالية، إذ نقرأ عن عوالم خفيّة لشعوب بأكملها حُكم عليها بالدونية بسبب لونها، ونكتشف الجانب الآخر للتاريخ، ذاك الذي رسّخه الاستعمار لاحقاً، لنرى أنفسنا أمام حقبة زمنيّة كان تعريف “الإنسان” فيها غير واضح، إذ أن مصيره وحريته لا يضمنهما إلا لونه، فبن شتوان تكشف لنا عن عوالم الظلم والتخلف والجهل التي كانت تهيمن على تلك الفترة، حيث لون البشرة هو المسيطر، فيما المستقبل تتحكم فيه الأهواء.
آخر الروايات العربية المتأهلة إلى القائمة القصيرة من جائزة البوكر كانت رواية “مقتل بائع الكتب” للكاتب العراقي سعد محمد رحيم، الصادرة عن دار ومكتبة سطور، والرواية حكاية تشبه سيرة فنان اسمه محمود المرزوق. حيث كُلّف صحافي يدعى ماجد بغدادي بالذهاب إلى مدينة بعقوبة (60 كم شمال بغداد)، في مهمة استقصائية، تمتد لشهرين، وقد كلّف بها من قبل شخص ثري وصاحب سلطة، يبقى مجهولا. لتأليف كتاب يكشف فيه أسرار حياة بائع الكتب والرسّام محمود المرزوق، في السبعين من عمره، وملابسات مقتله.

تتشابك الأحداث ويعقد الصحافي علاقات مع معارف الراحل وأصدقائه، ويعثر على دفتر دوّن فيه المرزوق بعض يومياته، التي تؤرخ لحياة المدينة منذ اليوم الأول للغزو الأميركي واحتلال العراق، ويعثر أيضا على رسائل بينه وبين امرأة فرنسية تعمل عارضة فنون للرسّامين اسمها جانيت كانت تربطه بها علاقة حميمة خلال فترة لجوئه إلى باريس. من هذه المصادر والقصاصات وغيرها تتكشّف شخصية المرزوق وتظهر فصول من حياته المثيرة غير المستقرة، ولكن تبقى ملابسات جريمة القتل ودوافعها مبهمة.

ونلفت إلى أن القائمة الطويلة للدورة العاشرة للجائزة أُعلنت في 16 يناير الماضي وضمت 16 رواية.

كما نشير إلى أن لجنة تحكيم الجائزة برئاسة سحر خليفة ضمت في عضويتها الروائية والمذيعة الليبية فاطمة الحاجي والمترجم الفلسطيني صالح علماني والمترجمة اليونانية صوفيا فاسالو والكاتبة المصرية سحر الموجي.

ومن المقرر إعلان اسم الفائز أو الفائزة بالجائزة في 25 أبريل القادم خلال احتفال يقام في أبوظبي عشية افتتاح معرض أبوظبي الدولي للكتاب.

(العرب)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى