معرض لندن الدولي للكتاب يحتفي بالثقافة العربية

فيء ناصر

يحتفل معرض لندن للكتاب بمرور 46 عاماً على افتتاح أولى دوراته، حيث تحل بولندا وثقافتها كضيف شرف في دورة هذا العام. ويأتي الاحتفاء بثقافة بلد أوروبي مهم مثل بولندا كرد ثقافي على الاستفتاء السياسي (بريكست) وهو الذي صوت له الشعب البريطاني للخروج من نطاق الاتحاد الأوروبي. يُقام المهرجان ربيع كل سنة على أرض معرض أولمبيا غرب لندن ويستغرق ثلاثة أيام ويعتبر من أهم الأسواق العالمية للإصدارات والترويج والتفاوض على حقوق نشر وطباعة وتوزيع الكتب عبر عدة منافذ توصيل، منها الطباعة الورقية والكتب المسموعة والبرامج التلفزيونية والأفلام والقنوات الرقمية.
يشارك في هذا السوق العالمي للمعرفة بكافة صنوفها أكثر من 25 ألف دار نشر محترفة، وتجتمع أفضل العقول في مجال صناعة الكتاب سنوياً في لندن لعرض وتعريف وتقديم منشوراتهم وكذلك مدّ صلات التعاون مع باقي دور النشر المشاركة، والترويج والتسويق لبضاعتهم المعرفية والتخطيط لزيادة إصداراتهم وتوسيع منافذ تسويقها للعام المقبل.
دور النشر البريطانية العريقة حاضرة وبقوة مثل دار نشر جامعة اكسفورد العالمية المتخصصة في الكتب الأكاديمية والتعليمية ودار نشر جامعة كامبردج وبلومزبري المتخصصة في الدراسات الإنسانية والأدب وأدب الطفل والتي تعد من أشهر وأفضل دور النشر البريطانية، سواء على المستوى المحلي أو على مستوى دور النشر العالمية، وقد قامت بالتعاون مع عدة مؤسسات عربية بترجمة وإصدار العديد من المطبوعات العربية الروائية والمختصة بالتاريخ ومختلف العلوم الأخرى.
دور النشر الأمريكية حاضرة مثل بنغوين، وتعتبر أكبر دار نشر عالمية للكتاب الصادر باللغة الإنكليزية ودار نشر جامعة كولومبيا التي تأسست عام 1893 وتعتبر رابع أقدم دار نشر في الولايات المتحدة وتنشر سنويا ما يقارب 160 عنوانا في اختصاصات مختلفة مثل إدارة الأعمال والاقتصاد وعلوم البيئة والفلسفة والدراسات الآسيوية.
الجناح التركي كان متميزاً من حيث الحجم وتنوع الإصدارات المعروضة وبعدة لغات منها الإنكليزية والتركية والعربية والفرنسية.
حجم المشاركة العربية كان ضئيلاً قياساً إلى عدد الدول العربية وتعداد السكان فيها، وشاركت وزارة الثقافة اللبنانية بجناح متواضع مقارنة بعدد دور النشر في لبنان وتأثيرها في سوق الكتاب العربي. في حين عرض جناح مركز محمد بن حمد آل ثاني في قطر بعض منشوراته باللغة الإنكليزية التي تهدف إلى التعريف بإسهامات العلماء المسلمين في الحضارة، ويهدف هذا المركز إلى أن يصبح منبراً عالميا للدراسات والبحوث والأنشطة الخاصة بإسهامات المسلمين في الحضارة الإنسانية.
المشاركة المصرية اقتصرتْ على منشورات الجامعة الأمريكية في القاهرة والتي هي أكاديمية غالباً لكنهم عرضوا أيضا كتيبا تعريفيا صغيرا لترجماتهم الروائية بالتعاون مع دار نشر هوبو للروايات التي تترشح وتفوز بالجوائز العربية للرواية مثل البوكر العربية ومسابقة نجيب محفوظ للرواية.
حصة الأسد في المشاركات العربية كان من نصيب دولة الإمارات العربية، فقد شاركت بعدة منافذ عرض للكتب هي: هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة والتي عرضت في جناحها آخر الإصدارات الثقافية وفي الحقول الأخرى لمشروع كلمة للترجمة، والمنتدى العربي لناشري كتاب الطفل، ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم من خلال قنديل للطباعة والنشر والتي عرضت إصدارات برنامج دبي الدولي للكتابة الذي انطلق عام 2013. وقال سيف المنصوري مستشار المؤسسة معرفا برنامج دبي الدولي للكتابة بأنه أحد الطرق الإبداعية التي تسهم في إثراء الحركة الفكرية والأدبية في دولة الإمارات العربية المتحدة وأنحاء العالم كافة. كذلك عرضت مؤسسة محمد بن راشد عدة نماذج لكتب السير الذاتية المبسطة والتعريف بالشخصيات بطباعة فخمة وبغلاف أنيق مثل كتاب عن سيرة صلاح الدين الايوبي، موزارت، ابن رشد وغيرهم.
هيئة الكتاب في الشارقة التي أنشئت عام 2014 وتتولى الإشراف على عدد من المشاريع الثقافية المهمة في دولة الإمارات، من بينها مدينة الشارقة للكتاب، أول منطقة حرة من نوعها للنشر في العالم العربي، والمكتبات العامة في إمارة الشارقة، ومعرض الشارقة الدولي للكتاب، ومهرجان الشارقة القرائي للطفل، ومعرض الشارقة لرسوم كتب الطفل، ومنحة معرض الشارقة الدولي للكتاب للترجمة. كما تتولى هيئة الشارقة للكتاب تنظيم البرنامج المهني للناشرين، وهو أول برنامج تدريب مجاني للناشرين في العالم العربي، واتخذت الهيئة، مكانا مركزيا إلى جانب كبريات دور النشر البريطانية في معرض لندن لهذا العام.
كما منح العالم العربي ممثلا في إمارة الشارقة جائزة سايمون ماستر الرفيعة التي تهدف إلى ربط المجتمعات الدولية بمختلف ثقافاتها ولغاتها من خلال الكتاب وتمنح لأكثر الاشخاص تأثيراً في عالم النشر دوليا، وحصل الشيخ الدكتور سلطان القاسمي على الجائزة تقديرا لجهوده في مجال الثقافة والترويج للقراءة والكتاب.
كما تم تكريم الأدب العربي المترجم الى الإنكليزية، بجائزة «مبادرة الترجمة الأدبية» لمؤسستها مارشيا لينكس مؤسسة ومديرة موقع «يور ميدل ايست» للأدب العربي المترجم للإنكليزية. لتفانيها في مد جسور التفاهم بين الثقافات.
وحصلت الصين على جائزة «الحقوق المهنية» الجديدة من خلال هوي هو من شركة تدريس اللغات الأجنبية والبحوث للنشر المحدودة لنجاحها في الترويج للكتب الصينية وعرضها على الساحة العالمية من خلال شراكات مبتكرة سواء في الطباعة أو التكنولوجيا الرقمية.
وأقيم العديد من الفعاليات الثقافية على هامش المعرض منها قراءات لعدد من الكتاب البولنديين وورش الترجمة بمختلف اللغات وعروض لكتب الأطفال ولقاءات حية مع العديد من الكتاب والمبدعين من جميع البلدان المشاركة.

(القدس العربي)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى