على ضفة نهر بلا اسم.. ل -أمل زقطان-

-أمل زقطان-

 

عندما يأتي المساء.

البيت يستعد لنومه، الأبواب والنوافذ، الأرواح المستنفرة والمستعدّة للخروج خارج إطارات الصور، الحكايات المتراكمة في صفحات الكتب، الستارة التي تمردت على الانسدال، وشموع تلفظ شعلتها الأخيرة، رائحة البخور القادمة من اليمن، وسجادة من بلاد بعيده تطوي  نفسها بحثا عن أصابع نسجتها.. وأنا أطلب الهدوء والتروي في لمّ بقايا النهار.

عندما يأتي ألمساء تبدأ الأشياء بالانسحاب التدريجي نحو نفسها، تجمع ما تبعثر منها في النهار، وتعيد الترتيب والأسماء إلى حقيقتها.

المساء هو الشكل الحقيقي للحياة.

/

 

هذا الجزء  النائي  مني ابتدأ بالاقتراب، تدريجيا وبلطف زائد يقوم بأزاحة ما هو قائم، يلمّ الأجزاء  برويّة، كأنّه يخاف أن تتكسر وتتفتت بين يديه.

يضعها في صناديق بأحجام مختلفة ويطبق عليها بإحكام، يأخذ مكان كل حيز يفرغ، يتشكل على هيئة راهبة في دير على قمة جبل ببلد بعيد أو أحيانا يأخذ شكل  امرأة  تبحث عن حبيب اضاعته  في زمن آخر.

أم تلتف بشال  (مورد) تنتظر ولدا لن يعود.

لا ملامح ثابتة للجزء القادم بصور مختلفة، لكنه بالتأكيد لا ينتمي لما نحن فيه من زمن.

غربة الجسد والروح تزول بقدومه، يسكن الشجر  والكنائس القديمة، والغيم الذي يستر الجبال بحريره  الرمادي الشفاف.

في رحلة خلع ما كان وارتداء ما أتى أرتّب الكون والليل، وأفتح  نافذة تطل على ضفاف نهر في بلد لا أعرف اسمه بعد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى