«الجسرة».. وجهة المثقفين

منذ بواكير نشأته، شكل نادي الجسرة أهمية كبيرة، ليس على الصعيد الرياضي فحسب، ولكن على الأصعدة الاجتماعية والثقافية، وكان ذلك إيذانًا بتغيير مسماه إلى المسمى القائم حاليًا، وهو نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي.
هذا الدور المزدوج للنادي، جعله وجهة للمثقفين، ليس فقط في قطر، ولكن في العالم العربي أيضًا، إذ فتح النادي أبوابه لجميع المبدعين والمفكرين في الوطن العربي، فكان القلب النابض بالثقافة، عبر كل ما كان يطرحه من نقاش، وما يثيره من حوار، حيال مختلف القضايا الثقافية والفكرية في العالم العربي.
وانطلاقًا من هذا الدور، أصبح نادي الجسرة، نافذة حقيقية للثقافة القطرية على نظيرتها العربية، ما جعله أيضًا وجهة لا غنى عنها لجميع المبدعين العرب، بفضل ما يضخه من فكر، وما يرفد به المكتبات القطرية والعربية من إصدارات ثقافية واعدة، علاوة على ما يثري به المشهد من فعاليات وأنشطة ثقافية متفاوتة.
ومن قبيل الوصف، فقد ظل نادي الجسرة حاضرًا في قلب الثقافة العربية، يلامس قضاياها، ويناقش همومها، ويرصد تطلعات المنتمين لها، حتى أصبحت الثقافة القطرية مقرونة بنادي الجسرة، لما عُرف عنه من أدوار عديدة يثري من خلالها الثقافة العربية، فكان ولايزال صرحًا ثقافيًا لا غنى عنه لكل الناطقين بالضاد في كافة أصقاع العالم، بفضل تلك الأسابيع الثقافية التي كانت تجوب دولاً مختلفة.
ولم يكن هذا غريبًا على هذا النادي العريق، بحكم النشأة والأهداف والرؤى والرسالة والقيمة، إذ استمد كل هذا الزخم من ذلك الإرث المتأصل في جذور الثقافة القطرية، والذي جعلها قابلة للتأثير والتأثر، وأنها بالقدر الذي تتفاعل فيه مع محيطها، فإنها تؤثر فيه، دون وجل من التحاور، أو التقارب مع غيرها من الثقافات.
وواقع الحال يؤكد أنه أمام العديد من أشكال التحدي الذي يواجه الثقافة العربية، بكل ما تمر به من منعطفات، فقد أصبح أمام نادي الجسرة مسؤولية كبيرة في التعاطي مع هذا الراهن الثقافي، ورصد مآلاته، خاصة في ظل حالة التجريف التي تشهدها الحياة الثقافية والفكرية العربية.
وبالمؤكد، وانطلاقًا من تجذر الثقافة القطرية، وما تشهده من وهج وحراك، فإنه لن يغيب عن هذا النادي العريق إدراك هذه المنعطفات، وهو أمل يحدو جل المثقفين العرب في أن يكون لهم مشروعهم الثقافي، ليعملوا من أجله، خاصة في خضم تلك الرياح العاصفة، والتي تطل برأسها من حين إلى آخر لتهديد الثقافة العربية، حتى لا تنجرف أكثر، بعدما باتت تقف عند مفترق طرق، الأمر الذي يتطلب من يصوّب بوصلتها، ويرشدها إلى ناصية الإبداع السديد.

** المصدر: جريدة”الشرق” 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى